البث المباشر

شرح فقرة: يا آمر، يا ناهي

الأربعاء 4 سبتمبر 2019 - 09:30 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا آمر، يا ناهي " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي ختم بهاتين العبارتين: (يا آمر، يا ناهي)، وهما صفتان تتطلبان - مع وضوحهما - مزيداً من الانارة. 
مما لا ترديد فيه ان الله تعالي عندما خلق الانسان ليمارس الخلافة او العمل العبادي: تبعاً لقوله تعالي «مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ» انما رسم مبادئ الخلافة او العبادة من خلال مجموعة اوامر ونواه، اي: طالبنا بممارسة شيء وعدم ممارسة شيء آخر، صحيح ان الاحكام الشرعية تصنف الي خمسة اقسام: أمر، نهي ندب، كراهة، اباحة ولكن الواقع هو: ان المطلوب في احسن مستوياته نمطان، اي اما ان نعمل بهذا أو نترك هذا، يدلنا علي ذلك قوله تعالي «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» فالمطلوب هو الاحسن من العمل، ولذلك فان المعصومين (عليهم السلام)، ثم: الشخصيات الملتزمة في الدرجة الاولي من انبياء أو اوصياء أو عرفاء، يحصرون سلوكهم في نمطين هما: العمل المطلوب، وترك الممنوع، والمطلوب هو: الواجب والمندوب، والممنوع هو: الحرام والمكروه، واما الخامس وهو (المباح) فيحول الي مندوب بمعني: ان كل ما تعمله الشخصية الملتزمة تخلع عليه نية التقرب الي الله تعالي، ولذلك ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما معناه، لتكن لك في كل شيء نية حتي الاكل والنوم وفي ضوء هذه الحقيقة نستطيع ان نفهم دلالة ما تعنيه عبارة (يا آمر، يا ناهي)، اذن انتحدث عن هذا الجانب.
طبيعياً، ان الامر والنهي في مطلوبهما الاعلي درجة هما ما اوضحناه، بمعني ان الله تعالي يأمرنا بعمل الواجب والمندوب وتحويل المباح الي مندوب، وينهانا عن المحرم والمكروه، لكن لنتجاوز اوامره ونواهيه في ميدان السلوك البشري، ونتجه الي مطلق الاوامر والنواهي الالهية، فماذا نستلهم؟ 
من البين انَّ الله تعالي (وهو المبدع للوجود) اذا قال للشيء «كُن فَيَكُونُ»، يستوي في ذلك ان يكون الشيء في نطاق الامر به، او نطاق النهي عنه، حيث ان ابداعه تعالي وادارته للوجود يرتكن الي ما تتطلبه المصلحة الكونية من أمر بالشيء او نهي عنه والنكتة التي يتعين علي قارئ الدعاء ان يعيها هي: اولاً تعميق معرفتنا بعظمة الله تعالي من حيث توحيده، ثم: الافادة من مفهوم الامر والنهي بان الله تعالي كامل كمالاً مطلقاً، وان الامر والنهي وان كانا حينا لا نفقه ما وراء ذلك أو نري ما نكره وهو عنده تعالي في مصلحتنا أو ما نحب وهو عند الله تعالي ليس من مصلحتنا، اي: علينا بالتسليم لله تعالي في الحالات جميعاً. 
اذن اتضح لنا جانب من الدلالات المختزنة في عبارة (يا آمر، ويا ناهي)، سائلين الله تعالي ان يجعلنا من المسلمين باوامره ونواهيه، وان يوفقنا الي ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الي النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة