البث المباشر

شرح فقرة: يا أعلي محمود حمد

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 15:07 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا أعلي محمود حمد " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونحدثك الان عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا أعلي محمود حمد، يا أقدم موجود طلب، يا أرفع موصوف وصف...).
هذه العبارات امتداد لما سبقتها من العرض لمظاهر عظمة الله تعالي، حيث يتجه الدعاء بهذه العبارات الي الله تعالي من خلال لغة الافضلية لدي الله تعالي في مظاهر عظمته مقارنة بالسمات المحدودة التي منحها الله تعالي للموجودات من بشر وملائكة، العبارة تقول: (يا أعلي محمود حمد)، طبيعياً عندما يصدر الثناء والحمد من العبد لمثله، فإن الحمد يظل محدوداً بقدر محدودية العبد، ولكن الله تعالي وهو المطلق والكامل مطلقاً في عظمته، حينئذ فإن لغة حمدنا لله تعالي يتعين ان تتناسب مع عظمته تعالي، ولذلك استخدم الدعاء عبارة (التفضيل) المطلق، وهو (يا أعلي محمود حمد) وتعني ان الله تعالي هو اعلي ما يمكن تصوره حيال الله تعالي، حيث لا يعلو حمد لله تعالي من قبل الموجودات: لا يعلو اي حمد عليه، وطبيعياً ان الله تعالي وهو يقدر عواطف عبده سوف يزيده أشباعاً لحاجاته الدنيوية والأخروية مادام العبد حامداً لله تعالي.
بعد ذلك تواجهنا عبارة (يا أقدم موجود طلب)، فماذا نستخلص منها؟
لنحدثك أولاً عن عن عبارة (طُلب) حيث نتساءل عن معناها؟ 
الجواب: ان الله تعالي يطلب اليه مساعدة عبده مثلاً، فيجيب طلب العبد، وهذا من الوضوح بمكان، ولكن بما أن الله تعالي لا يقاس في أية عظمة أو مظهر عظمة، حينئذ فإن الطلب مادام هو: لجوء الي الله تعالي في أشباع الحاجة، وهذا ما يفسره لنا سبب اضفاء القدم علي عظمته تعالي ولكن السؤال هو: ما معني (القدم) في عبارة (يا أقدم موجود طلب)؟
أن القدم معناه: ما يضاد الحدوث، بمعني الازلية، وهو ما لا علة لوجوده، وهذا يعني أن عبارة الدعاء تستهدف الاشارة الي أن الله تعالي وهو (قديم)، أو أزلي لا يسبقه أحد في عظمته بحيث أن العبد عندما يطلب من الله تعالي ان يحقق له أشباعاته، فإنه لم يسبقه أحد فيطلب اليه بل هو غير المسبوق بعده، ولذلك فإن الطلب يتمه إليه حتي مع فرضية امكان احد أن يشبع حاجات غيره، ولكنه تعالي بما أنه (من حيث العطاء لا مثيل له) فإنه أيضاً من حيث العطاء كذلك: لا أحد يسبقه.
اذن إن الله تعالي إذا طلب اليه أو طلبت الرعاية منه الي العبد حينئذ هو من جانب مطلق العطاء أو مطلق السعة في أجابة الطلب، ومن جانب آخر لا أحد يسبقه من جانب الزمن: بصفة أن التأكيد إلزمني يعمق من دلالة عظمته في تصورنا وإدراكنا المحدود.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا أرفع مرفوع وصف)، فماذا تعني؟ 
هنا نجد مظهراً أو مصداقاً آخر من مصاديق عظمته تعالي من حيث استجابتنا - نحن قراء الدعاء - لمعني عظمته هنا، نلفت نظرك الي أن الدعاء قد وصف الله تعالي في عبارة سابقة بأنه (أعلي محمود حمد)، هنا يقدم الدعاء عبارة (يا أرفع مرفوع رفع)، فما هو المشترك بين عبارتي (أرفع) و (أعلي)، وما هو الفارق بينهما أيضاً؟ 
الجواب: أن عبارة (يا أعلي محمود حمد) جاءت في سياق الظاهرة اللفظية أو الكلامية فعندما ندعو الله تعالي: إنما نتجه بالكلام فنقول مثلاً: سبحان ربي الاعلي، فالكلام يتسق مع الاعلي لاننا نطلب من الاعلي أو نتجه ببصرنا الي الأعلي، ولكن بالنسبة الي الرفعة فتعني: الشموخ من حيث القدر والمنزلة، اي: الرفعة هنا مطلق الصفة العالية، وأما العلو فهو الصفة العالية المقرونة بالتوجه أو الكلام أو الخطاب الي الله تعالي.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة