البث المباشر

شرح فقرة: يا بر، يا حق، يا فرد، يا وتر

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 13:49 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا بر، يا حق، يا فرد، يا وتر " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الان عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا بر، يا حق، يا فرد، يا وتر، يا صمد، يا سرمد).
هذه العبارات يختم بها مقطع الدعاء، حيث تتناول مظاهر عظمة الله تعالي من خلال ثنائية الصفاة، اي: الصفات المتجانسة مثل: فرد، وتر، والمهم هو ملاحظة هذه المظاهر، ونبدأ ذلك بملاحظة هاتين الصفتين: البر، والحق. فماذا نستلهم منها؟ 
بالنسبة الي صفة (البر)، نجد انها تعني بأنه تعالي يعطف علي عباده، ويحسن اليهم، وهو اثر لا نحسب ان احدا منا يجهل دلالة ذلك، كل ما في الامر ان قاريء الدعاء يتعين عليه ان يدقق النظر فيما يقرأ من الصفاة المنتسبة الي اوسع دلالة الا وهي الرحمة، حيث ان مصاديق الرحمة من التنوع بمكان كبير، فالشفقة والعطف.
وأما صفة الحق، فلا نحسب ان احدا منا يجهل دلالتها، حيث ان الله تعالي هو (الحق) بكل ما تعنيه الكلمة من الدلالة، ان الحق هو ضد الباطل، ويستطيع القاريء للدعاء ان يستخلص مصاديق (الحق) من خلال مقارنة ذلك بما يضاده (اي الباطل)، وهو مطلق ما هو السلبي من الصفاة.
بعد ذلك نواجه عبارتي (يا فرد، يا وتر) - وهي كما اشرنا - عبارتان متجانستان، بصفة ان الفرد ينسحب عليه مصطلح (وتر)، والْوَتْرِ كذلك. اذن ما هو الفارق بينهما؟ 
ان الفرد معناه: المتفرد وجوده علي شتي المستويات، انه تعالي متفرد في الوحدانية، وفي القدرة وفي العلم وفي الادارة وفي الرحمة بمعني انه لا يشاركه احد في الصفات المتنوعة.
واما صفة الْوَتْرِ فإنها تعني: الفرد ايضاً، ولكن من خلال مقارنتها بما هو زوج او الإثنان، بينما (الفرد) ينسحب علي المقارنة بين الاعداد جميعا، بينما ينسحب الْوَتْرِ مقابل لما هو اثنان: كما قلنا.
والنكتة هي: بما ان الموضوع هو وحدانية الله تعالي دون مشاركة الاخر او مماثلة الاخر له: حينئذ فإن عدم المشاركة او المماثلة في تصور بعض اللغوييين يكون علي عكس ما قررناه، أي ان الله تعالي وتر - كما ورد في النصوص - وهذا يعني عدم مشاركة الاخر له في صفاته، بينما الفرد يعني عدم وجود المظاهر المتنوعة له تعالي، والمهم في الحالات جميعاً، فإن تفرده تعالي ووحدانيته في كل شيء: في الوجود، وفي الصفات: يظل هو الدلالة التي تفرزها تلك الكلمات. 
اخيراً نواجه عبارتي (يا صمد، يا سرمد)، فماذا نستخلص منها؟
بالنسبة الي (صمد)، تقول النصوص المفسرة بأن المصطلح المذكور ينسحب علي جملة (دلالات) منها: السيد المطاع، والقائم بنفسه، والمتعالي عن الكون والذي لا شريك له، والذي أبدع الاشياء، الا أنه ورد عن الامام الحسين (عليه السَّلام) انه نقل عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بأن الصمد مفسر بأنه تعالي «لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ».
وأما (السرمد) فمعناه الدائم، والذي لا أول له ولا آخر، وبهذا يكون الفارق بين الصمد والسرمد، ان الصمد اوسع دلالة منالسرمد، بالنحو الذي اوضحناه.
بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً من دعاء الجوشن الكبير، هو: (يا خير معروف عرف، يا أفضل معبود عبد، يا أجل مشكور شكر، ...).
يتمتع هذا المقطع من الدعاء بخصائص فنية، كما هو طابع جميع المقاطع، حيث تتنوع فنون التعبير فيه، ومنها التعبيبر بالأفضلية، حيث يقرر المقطع صفة من صفاته تعالي، ثم يوضح بأنها (الأفضل) بالقياس الي الغير، مع ملاحظة (ان الافضل) هنا لا تعني وجود المشاركة او المماثلة وتفضيل البعض علي الاخر، بل تعني الأفضلية المتفردة علي الاخير وليس المشاركة مع الغير.
وفي ضوء هذه الحقيقة تواجهنا عبارة (يا أفضل معبود عبد) حيث يمكنننا ان نتناول دلالتها من زوايا متعددة وهو امر يتطلب مزيداً من التوضيح وهذا ما نؤجل الحديث عنه الي لقاء لاحق ان شاء الله تعالي.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة