البث المباشر

شرح فقرة: يا من هو علي كل شيء شهيد

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 11:06 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من هو علي كل شيء شهيد " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ختم بما يأتي: (يا من هو علي كل شيء شهيد، يا من هو لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) ونحدثك الآن عنهما، ونبدأ اولاً بعبارة:(يا من هو علي كل شيء شهيد). فماذا نستلهم منها؟ 
الشهيد صفة او مظهر تتعدد دلالاته: وبحسب ما ذكره المعنيون بالنص الشرعي ينسحب مصطلح (الشهيد) علي الشاهد او الحاضر فيما لا يغيب عنه شيء، كما ينسحب علي العالم بالشيء، مع ملاحظة ان كلا منهما تتعدد تأويلاته ايضاً، والمهم هو: ان الشهادة بمختلف دلالاتها تفصح عن انه تعالي لا يخفي عليه شيء في السماوات والارض، انه شاهد لما يجري من الوقائع او الموقف أو الظواهر جميعاً مثلما انه تعالي له فاعليته وراء كل شيء، وهذا يتسق مع احد مظاهر عظمته التي لاحظناها في هذا المقطع من الدعاء وهو: «فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ»، فالفعال هنا يتجانس مع الشهيد في ان الاول منها يفعل ما يريد، والثاني منهما انه وراء كل فعل، والأهم من ذلك جميعاً هو: ما يتعين علي قارئ الدعاء من الافادة العملية لهذا المظهر من عظمته تعالي بحيث لا يمارس عملاً أو نية إلا وهو تعالي عالم شاهد وحاضر لا يخفي عليه السلوك، مما يقتادنا الي ان نحذر تماما من ممارسة اي سلوك لا يرتضيه الله تعالي. 
اخيراً نواجه عبارة (يا من هو لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ)، تري ماذا نستلهم من العبارة المذكورة؟
ثم ما هي صلتها بما تقدم من المظاهر لعظمته تعالي الجواب: في تصورنا ان عبارة (يا من هو لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) تظل اجابة لما تقدم من مظاهر عظمته تعالي، فمثلاً لاحظناه الآن من عبارتي (يا من هو علي كل شيء شهيد) او عبارة (يا من هو فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ)، يمكننا ان نربطهما بعبارة (يا من هو لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) من خلال تداعي اذهاننا الي انه تعالي عند يفعل ما يريد (وهو العقاب مثلاً حيال المنحرفين) فانه فعله المذكور ليس ظاهرة سلبية حيال المنحرفين، لان العقاب نفسه هو ضبط للسلوك في في الحياة الدنيا، وعدل في الآخرة، وهكذا بالنسبة الي سائر ما يفعله تعالي، بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً يبدأ علي النحو الآتي: (يا من لا شريك له ولا وزير)، (يا من لا شبيه له ولا نظير). 
والسؤال هو: ما هي الدلالات التي نستخلصها من تينك العبارتين؟ ثم ما هي العلاقة الدلالية بينهما؟ 
الجواب: العبارة الاولي تقول: (يا من لا شريك له ولا وزير)، وهي عبارة تعني: عدم المشاركة لله تعالي في وجوده وفاعليته حيث يتفرد في ذلك، وهذا من حيث عبارة: (يا من لا شريك)، ولكن ماذا تعني العبارة الثانية (ولا وزير)؟ 
واضح، ان النص يستهدف الاشارة الي تفرده تعالي في الحالات جميعاً، فمثلاً في نطاق التجربة البشرية يشترك الشخصية الماسكة بزمام الامور مع الآخرين في ادارة هذا المجتمع او ذاك، كما ان لهذه الشخصية من يؤازرها في الادارة المشار اليها، فموسي (عليه السلام) مثلاً وهو يضطلع بواجهة الآخر أو بادارة قومه يشاركه هارون مثلاً أو في هاتين المهمتين: كذهابهما الي فرعون مثلاً أو نشاطهما بعد القضاء عليه حيث اضطلع موسي بالذهاب الي الميقات، واضطلع هارون بمؤازرته في بقائه مع القوم، وهكذا، وهذا يعني ان هدف العبارة هو: الاشارة الي انه تعالي متفرد في الحالات جميعاً، بيده الامر كله، لا يشاركه ولا يؤازره اي موجود آخر بل ان الموجود الآخر هو: بفاعليته منه تعالي وليس قوة استقلالية كما هو واضح. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة