البث المباشر

شرح فقرة: يا ذا العرش المجيد

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 10:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا ذا العرش المجيد " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطعه الذي ينتهي بعبارة (يا شهيد) وهو ما نحدثك عنه الآن، لننتقل بعده الي مقطع آخر، العبارة هي: (يا شهيد). فماذا نستلهم منها؟ الشهيد والشاهد صيغتان، احدهما صيغة مبالغة، وتعني: انه تعالي لا يغيب عنه شيء (كما ورد في شرح احدهم)، او لنقل: الحضور او الحاضر فيما لا يعزب عنه شيء، أو لنقل: العليم المحيط بكل شيء، وقد ساق هذه الدلالة بعض الشرّاح مستقاة من قوله تعالي: «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ» الي آخر الآية الكريمة والمهم، ان أيا من الدلالات المتقدمة تظل منسحبة علي المصطلح المذكور، سواء اكان ذلك بمعني: العليم، أو الحاضر او الناظر الذي لا يغيب عنه شيء.
والآن نتجه الي مقطع جديد من الدعاء، يبدأ علي النحو الآتي: (يا ذا العرش المجيد، يا ذا القول السديد، يا ذا الفعل الرشيد، يا ذا البطش الشديد، ...)، هنا، نلفت نظرك قبل ان نتحدث عن المظاهر المتقدمة، الي ان عبارات (المجيد) و (الشديد) و (الرشيد)سبق ان لاحظناها منفردة في مقطع سابق، اما الآن فتجئ مرتبطة بما هو وصف لمظهر خاص: كالعرش حيث وصف بالمجيد، والبطش حيث وصف بالشديد، عن أبعاد بلاغية متنوعة من حيث الصلة بين مقاطع الدعاء، وهو ما ينبغي أ لا نغفل عن ذلك، مادمنا نتحدث عن الدعاء في شتي دلالاته. 
ان العبارة التي استهل بها المقطع الجديد هي: (يا ذا العرش المجيد)، وقد سبق ان حدثناك عن مصطلح (المجيد) وقلنا انه بمعني الشرف، والسخاء، والكرم والعزة والتنظيم وهذه الدلالات المتنوعة يستخلصها قارئ الدعاء لانه أمام مصطلح منفرد او مفرد. اما عندما يجيء المصطلح مركبا مع عبارة اخري مثل (يا ذا العرش المجيد) فان الدلالة تتحدد بما يتناسب مع مفهوم العرش، من هنا فان العرش يظل متساوقاً في دلالته مع صفة (المجيد) من خلال صفة الكريم أو العظيم ونحوهما: كما هو واضح. مع ملاحظة ان العرش يستخدم مجازياً كما في قوله تعالي: «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» وهو في اصله سرير الملك، ولكن بالنسبة الي الله تعالي يعني: الهيمنة كما هو واضح. 
بعد ذلك نواجه عبارة: (يا ذا القول السديد). فماذا نستخلص منه؟
السداد هو الصواب، وهذا يعني ان الله تعالي يتسم بصواب المعرفة، وهي الكمال المعرفي بطبيعة الحال، مع ملاحظة ان القول او الكلام ونحوهما مما يستخدم في مظاهر عظمة الله تعالي يظل حاملاً دلالته المجازية حيث تشمل مطلق عطاءاته تعالي، فمثلاً عندما يقررّ النص القرآني الكريم بان البحر مثلاً لو انه مداد لكلماته تعالي ما نفذت كلماته، حيث يعني بذلك ليس الكلمة بمعناها اللغوي بل مطلق مظاهر عظمته تعالي: كما هو واضح. 
بعد ذلك تواجهنا عبارة (يا ذا الفعل الرشيد) يختلف في دلالته عن القول السديد اي: نقف الآن امام مصطلحين، احدهما: القول والآخر الفعل، فما هي الاسرار الكامنة وراء هذين المصطلحين المجازييّن؟ ألم نقل بان عبارة (القول) هي مطلق مظاهر العظمة؟ 
اذن ماذا تعني عبارة (الفعل)؟ هل تعني نفس الدلالة؟ كلا. 
اذن ما هو الفارق بينهما؟ في تصورنا ان القول يرمز الي ما يقرره تعالي من بيان عظمته، اما الفعل فيرمز الي العظمة ذاتها، لذلك وصف مصطلح (القول) بانه (سديد) بينما وصف مصطلح الفعل بانه (رشيد) اي: ان القول صائب لا خطأ فيه، والفعل رشيد لا خلل فيه.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة