البث المباشر

شرح فقرة: يا من رزقه عموم للطائعين

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 08:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من رزقه عموم للطائعين " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك عن احد مقاطعه الذي ختم بهاتين الفقرتين: (يا من رزقه عموم للطائعين والعاصين)، ثم (يا من رحمته قريب من المحسنين). 
هاتان العبارتان يختم بهما مقطع الدعاء، وما يعنينا من ذلك، هو: الاشارة اولاً الي الرزق وانسحابه علي المطيعين والعاصين، حيث ذكر الدعاء في مقطعه الذي نحدثك عنه، اي السابق عليه وهو قوله (يا من طاعته نجاة للمطيعين)، بان المطيعين ناجون لسبب واضح هو: اطاعتهم لله تعالي، اي: العمل بمبادئ الله تعالي، بينما نجد ان الرزق يطال الجميع لا فرق بين الغني والفقير. فماذا يعني ذلك؟ 
ثمة مسوغات شرعية تجعل الرزق البشري، أمراً لامناص منه، لأن عملية الاختبار الإلهي نعرض ذلك، بمعني ان العبد لامناص من استمرارية حياته حتي تمرر تجربة سلوك الانسان، ليستوي في ذلك ان يكون العبد طائعاً او منحرفاً الى آخره. 
اذن تختلف ظاهرة الرزق عن غيرها من حيث جعل تعالي الرزق وايصاله الي المخلوقات جميعاً امراً مقضياً وهو يفسر لنا دلالة معني فقرة: (يا من رزقه عموم للطائعين والعاصين).
بعد ذلك نجد ان المقطع يختم بعبارة: (يا من رحمته قريب من المحسنين)، وهو مقطع يقترن تصور دلالته (وهي الرحمة الإلهية) بالمطيع فحسب. ما هو سبب ذلك؟ 
الجواب: من البين، ان الطاعة لله تعالي تستتلي بالضرورة احساناً من الله تعالي، وذلك لان الله تعالي طالما ألمح الي مفهوم الطاعة وصلتها بالتجربة العبادية، اي عبارة «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ»، وحينئذ لابد من التمييز بين طائع يعني بأرضاء الله تعالي حياله، وبين عاص غير معترف بالله تعالي، ولذلك ورد قوله: «هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ»، وهذا امر لا يحتاج الي مزيد من التوضيح. 
بعد ذلك نتجه الي مقطع جديد من دعاء الجوشن، وهذا ما نلحظه علي النحو الآتي: (يا من تبارك اسمه، يا من تعالي جده، ...)، فماذا نستخلص من العبارات المشار اليها؟ 
الجواب: لقد استهلت احدي السور بعبارة «تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ»، كما وردت السمة المذكور متكررة في نصوص قرآنية متنوعة، يعيننا ان نشير الي دلالتها ومعطياتها. فما هي اسرار ذلك؟ 
ان (المباركة) هي: ثبوت الخير بنمائه (كما ورد في اللغة)، بمعني انه تعالي لولاه لبطل كل شيء والنكتة هنا مرتبطة بان المباركة وردت مقترنة بالاسم وليس الدلالة. فما سر ذلك؟ ان اسمه تعالي - كما ورد في النصوص - دواء، (يا من اسمه دواء)، والدواء يعني: ازاحة المرض من الجسد، فكما ان الغذاء كيميائياً يكسب الانسان طابع الصحة، كذلك اسم الله تعالي يكسب الأثر ذاته، وذلك لان الله تعالي حينما اودع في النبات مثلاً مادة للشفاء من المرض، كذلك فإن الاسم المقدس او المبارك لله تعالي مودع فيه ما يحقق الشفاء من المرض. 
والامر في نطاق عام لا ينحصر في عملية المباركة المادية بقدر ما ينسحب علي الوجود الكوني والبشري، وهل ثمة مباركة او خير اشد ضخامة ولا محدودية من اسم الله تعالي خالق الخير؟ انه الله، مصدر الخير، مصدر البركة، انه الرحمة في لا محدوديتها. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة