البث المباشر

شرح فقرة: يا من جعل الارض مهاداً

الأحد 1 سبتمبر 2019 - 11:27 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من جعل الارض مهاداً " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الجديدة، حيث بدأ علي النحو الآتي: (يا من جعل الارض مهاداً، يا من جعل الجبال اوتاداً، يا من جعل الشمس سراجاً، وجعل القمر نوراً). 
ان هذا المقطع من الدعاء يتميز بكونه خاصاً بالسمات او المظاهر الطبيعية التي خلقها الله تعالي، كالارض، والجبال والشمس والقمر، ثم يتميز بكونه (تناصاً) اي: اقتباساً في معظمه من القرآن الكريم او الحديث، والمهمّ الآن: ان نحدثك عن كل مظهر من ذلك، ونبدأ بالحديث عن العبارة الاولي وهي: (يا من جعل الأَرْضَ مِهَادًا). فماذا نستخلص منها؟ 
طبيعياً، ثمة نصوص مفسّرة موضوعياً، وهو ما ينبغي الوقوف عنده، ثم نواجه في بعض العبارات بعداً بلاغياً فيما يتـّعين علينا ان نتناوله في ضوء المعاير الفنية: مادمنا نعرف تماماً ان النصوص الشرعية قرآناً واحاديث تتميز ببلاغتها: كما هو واضح. اذن لنتحدث عن عبارة (يا من جعل الأَرْضَ مِهَادًا) ونتساءل من جديد: ماذا نستلهم منها؟
النصوص المفسرة تقول ان المقصود من ذلك هو: جعلها قراراً أو بساطاً، طبيعياً ثمه نصوص قرآنية تتحدث عن جوانب متنوعة من الارض من نحو: «وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا» ومن نحو: «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا». 
والمهمّ ايضاً ان نشير - كما قلنا - اولاً الي الدلالة التفسيرية، ثم الي الدلالة الفنية، لا نحتاج الي توضيح الدلالة اللغوية لمفهوم الارض بقدر ما نحتاج الي الاعتبار بذلك، اي: ان الله تعالي يذكرنا اولاً بابداعه للظواهر الكونية حتي تتعمق قناعتنا بعظمته تعالي، ثم بما تحمله هذه الظواهر من النعم حتي نشكره تعالي عليها، وهذه هي وظيفة المؤمنين الذين خلقهم الله تعالي كي يمارسوا الوظيفة العبادية، ومنها: التفكر في خلق الله تعالي. 
ونتساءل الآن اذا تجاوزنا مفهوم الارض وجعلها (مِهَادًا)، تري ماذا نستلهم من كلمة (المهاد) فنياً بالاضافة الي دلالتها الموضوعية؟
في تصورنا ان (المهاد) او المهد مادام لغوياً يعني في احد مصاديقه (الفراش) من حيث بسطه بطبيعة الحال، او يعني بالنسبة الي الطفل (وهو العاجز) موضعاً يوطأ له، او يعني: الارض المنخفضة: حينئذ ففي الحالات جميعاً نتداعي بالذهن الي احد مصاديق [الأرض ]وهو (الذلول) اي: المطيع والميسر، حينئذ فان القرآن الكريم نفسه: فسّر لنا بلاغياً معني الارض من حيث كونها (ذلولاً)، والسؤال من جديد: ماذا نستخلص من عبارة (الذلول) التي تعني: الطواعية واليسر؟ 
ان ما نستخلص من ذلك، من المنتج من عبارة (الذي جعل لكم الأَرْضَ مِهَادًا) هو: اولاً ان الارض (فراش) يستريح الانسان إليه في حالات النوم والجلوس حينئذ فان الحاجة الي النوم تظل من اهم الدوافع التركيبية في الانسان بحيث اذا خرج منه تعرض للموت والامر كذلك بالنسبة الي من يريد ان يجد له موضعاً يجلس فيه بعد العمل في حياة الانسان اليومية، بالاضافة الي ما يواكب عملية الجلوس والاستراحة من زينة ونحو ذلك. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة