البث المباشر

شرح فقرة: يا قهار، يا جبار، يا صبّار

الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 14:12 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا قهار، يا جبار، يا صبّار " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا قهّار، يا جبّار، يا صبّار، ...)، هذه المظاهر من عظمة الله تعالي، تعرص لجملة صفات، منها هاتان الصفتان المتجانستان وهما: (يا قهّار)، (يا جبار). فماذا نستخلص منهما؟
لقد لاحظنا - في لقاء سابق - ان مقطع الدعاء الذي نحدثك عنه قد استهلّ بصفتين من الرحمة هما (يا ستـّار، يا غفار)، وهما صفتان متجانستان كما هو واضح، حيث يعرضان للستر علي الذنب ولغفرانه، وهو منتهي الرحمة من الله تعالي. 
بيد ان الملاحظ ان صفتين اعقبتهما تتحدثان عن القوّة، اي: ان القوة والرحمة لا تنفصل احداهما عن الاخري، بصفة ان القوة هي الهيمنة علي الوجود، وبصفة ان الرحمة هي الخير للوجود، من هنا فان القوة والرحمة تظلان من الصفات التي تفسّر لنا احد مظاهر العظمة الالهية. والآن، ماذا نستلهم من العبارتين (يا قهّار)، (يا جبّار)؟
ان القهّار يعني انه تعالي يقهر الاشياء بعظمته، ولا يملك أحد من المخلوقات ما يضاد ذلك، ومنه: القهر لعباده مثلاً بالموت، ان الموت حادث لا مناص منه، ولا يملك احد من المخلوقات ان يرفعه عن البشر وسواهم، وهو ينطوي علي حكمة الاختبار الإلهي الذي خلق (الموت) و(الحياة) ليبلونا اينّا أَحْسَنُ عَمَلاً، فالحياة هي: الممر للتجربة العبادية، والموت هو المفضي الي الجزاء المترتب علي التجربة، ومن هنا كان الله تعالي (قهاراً) لعباده من خلال الموت الذي يجسّد احد طرفي التجربة العبادية. وهذا فيما يتصل بصفة (القهّار) ولكن ماذا بالنسبة الي صفة (الجبّار)!
الجبّار يعني القدرة والسلطة والعظمة، وهي صفة متجانسة مع (القهّار) بصفة ان (القهر) يقترن بالقدرة الالهية، وما لسلطته الالهية علي المخلوقات، وبعظمته التي لا يطالها شيء، حيث ان القهر والقدرة والسلطة جميعاً: تندرج ضمن عظمته تعالي التي يتفرد بها بطبيعة الحال. بعد ذلك نواجه عبارة (يا صبّار). فماذا نستلهم منها؟
ان صفة (صبّار) تقترن بصفة (الحلم)، حيث ان الله تعالي لا حدود لصبره او لحلمه حيال العباد الذين لا حريجة لديهم او غير الملتزمين، او المتمردين وسواهم، انه تعالي يصبر ويحلم الي درجة ان العبد يخيّل اليه ان الله تعالي قد رفع العقاب، الا ان صبره تعالي وحلمه يقترن بفسح المجال للعبد بان يتوب مثلاً، أو يؤجل العقاب استدراجاً للمنحرفين الذين لا دين لهم. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا بارّ) وهي عبارة تلفت نظرنا الي ورودها في سياق (الصبر) او (الحلم) حيث تتجانس دون ادني شك مع (البارّ) الذي يعني تعامله تعالي مع عباده بالحبّ وباللطف وبالشفقة وبالاحسان، وهي مفردة تشمل - كما ورد في اللغة - هذه الصفات التي اشرنا اليها، وهي: الحب، اللطف، الشفقة، الاحسان. 
هنا يتعين علينا ان نربط بين صفة (صبار) وصفة (بار) بصفة ان الحلم عن عباده تعالي يعني: انه محبّ لعباده، مشفق عليهم، يلطف بهم.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة