البث المباشر

شرح فقرة: اللهم اني أسالك باسمك يا ستار، يا غفار، يا قهار

الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 13:45 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " اللهم اني أسالك باسمك يا ستار، يا غفار، يا قهار " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الجديدة، حين بدأ بالعبارات الآتية: (اللهم اني أسألك باسمك يا ستّار، يا غفار، يا قهّار، يا جبار، ...). 
ونبدأ بالقاء الاشارة علي العبارتين: (يا ستار)، (يا غفار) نظراً لارتباط احداهما بالاخري: ارتباطاً وثيقاً، فماذا نستلهم منهما؟
من البين، ان كلا من عبارة (يا ستار)، (يا غفار) لا يكاد احد منّا يجهل دلالتها، بيد ان النكات الكامنة وراءهما تفرض علينا ان نحدثك عنها ولو عابراً، فنقول: العبارة الاولي (يا ستـّار)، تظل من العبارات الكاشفة عن سعة رحمة الله تعالي بحيث يعجز البيان عن توضيح ذلك. 
ان الكائن الآدميّ يمارس الذنب مع علمه بأن الله تعالي قد أمرنا ان نجتنبه، ليس هذا فحسب، بل نجد الشخص يكرر ممارسته للذنب: مع علمه بخطورة هذا التكرر. ايضاً ليس هذا فحسب، بل يتوب العبد ثم يعود الي الذنب، ويتكرر هذا الموقف او الفعل، ومما يلفت نظر الملاحظ ان العبد لا يمارس الذنب اذا كان بمرأي وبسمع من الآخرين: خجلاً منهم، ولكنه لا يخجل من الله تعالي وهذه هي المصيبة العظمي، لكن مع ذلك كلّه، ماذا يتوقعه العبد من الله تعالي؟ 
انه يتوقع الستر، اي: ان الله تعالي يستر عليه هذا الذنب الذي مارسه خفية واذن ما أرحم أو ما اشدّ الرحمة من الله تعالي حينما (يستر) علي عبده هذه الممارسة التي يخفيها العبد عن الناس، ويعلنها امام الله تعالي؟ ألا يعني هذا ان الله تعالي لا حدود لرحمته. 
ان الأمر ينبغي الّا نتصور سهولته بهذا النحو، اي: ان الرحمة الالهية ليست مجرّد خفاء لذنب يمارسه هذا الشخص او ذاك، بل اذا دققنا النظر في هذه نجد ان اهم الدوافع المركبة في الانسان هي: ما يطلق عليها علماء الاجتماع والنفس مصطلح (التقدير الاجتماعي) و(الانتماء الاجتماعي)، اي: ان الشخصية البشرية تبحث عن الانتماء الي الآخرين حيث لا يمكنها ان تحيا بمعزل عنه، كما انها تبحث عن التقدير او العزّ او الاحترام من الآخرين، ولا يمكنها ان تتحمل الهوان الاجتماعي حيث تفضّل بأن تموت حيال تعرّضها للذلّ والنبذ الاجتماعي، وهذا من الوضوح بمكان من هنا ندرك أهمية (الستر) من الله تعالي حيال عبده الممارس للذنب.
وامّا بالنسبة الي العبارة الثانية وهي (يا غفّار)، فان الأمر لكذلك بالنسبة الي العقاب الذي يتوقعه العبد علي ممارسته للذنب. 
ان العبد لا يتحمل العقاب الاجتماعي المتمثل في النبذ او الهوان، فكيف به اذا تعرّض لعقاب لا نتصور مدي شدته الا وهو: جهنم اعاذنا الله تعالي منها. ان أبسط تجربة يتعرض لها العبد بالنسبة الي النار لا يمكن تحملها البتة في حياتنا اليومية فكيف بنا اذا تعرضنا لجهنم اعاذنا الله تعالي منها؟
ان ابسط تأمل لامثلة هذا العقاب يجعل الشخصية مضطربة محترقة متوترة، وهذا يجرنا الي ان نتأمل رحمة الله تعالي ومداها غير المحدود حينما يبعث الله تعالي فينا الأمل بانه تعالي (غفـّار) للذنوب. 
اذن عبارة (يا غفـّار) تظل معلنة عن مدي رحمة الله تعالي غير المحدودة، ومن ثم نجعلنا منبهرين حيال الرحمة المشار اليها، بالاضافة الي ما ستره علينا من الذنب في الدنيا. 
للمرة الجديدة نكرّر قائلين ما اعظم رحمة الله تعالي حيال عبده المذنب؟! انه ساتر لعيوبنا وذنوبنا في الدنيا، بل كذلك في الأخري، ثم انه (غافر) لنا الذنوب المشار اليها. وهل ثمة رحمة اوسع من ذلك؟

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة