البث المباشر

شرح فقرة: يا قديم السناء، يا كثير الوفاء

الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 13:42 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا قديم السناء، يا كثير الوفاء " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا قديم السناء، يا كثير الوفاء، يا شريف الجزاء). 
بهذه العبارات ختم احد مقاطع الدعاء، وهو يتضمن ثلاثة مظاهر من عظمة الله تعالي ورحمته، حيث نبدأ فنحدثك اولاً عن عبارة (يا قديم السناء). فماذا نستلهم منها؟
لعل القارئ للدعاء يتساءل اولاً: ما هو المقصود من كلمة (قديم)، وما المقصود من كلمة (السناء). 
الجواب: القديم مصطلح فلسفي يعني: الأزلية، اي: ما لا بداية له او ما لا علة لوجوده، واما (السناء) فهو: الرفعة واالضياء، والآن مادمنا قد عرفنا دلالة هذين المصطلحين، فماذا نستخلص من ذلك؟ 
اذا اخذنا كلمة (السناء) بمعني (الرفعة)، فهذا يعني ان الله تعالي (رفيع) علي الوجود لا رفعة لسواه، انه تعالي متفرد في رفعته وتعاليه وسموه الخ، وهذه الرفعة هي صفة (قديمة)، بصفة انه تعالي (قديم) ازلي: كما هو واضح. 
والأمر كذلك، اذا أخذنا كلمة (السناء) بمعني: الضياء، فانه تعالي (نور): كما وصف ذاته في القرآن الكريم، وهو انه تعالي «نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ». 
اذن في الحالتين، ثمة صفة لله تعالي أزلية، تتجسد في الرفعة وفي النور، حيث ان الرفعة ترمز الي الهيمنة والقوة والعظمة، وحيث ان النور يرمز الي الخير والرحمة. بعد ذلك نواجه عبارة (يا كثير الوفاء). فماذا نستخلص منها؟
ان الله تعالي خير محض، انه رحمة لا حدود لتصوراتها، ومنها: اي من مصاديق الرحمة ظاهرة (الوفاء)، حيث يعني الوفاء: انه تعالي يحقق لعباده ما وعدهم من الجزاء المترتب علي ممارستهم للعمل العبادي، انه تعالي (وفيّ) لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ. 
ليس هذا فحسب، اي: انه تعالي ليس (وفياً) فحسب، بل (كثير الوفاء)، بمعني انه يمنح لعباده ما وعدهم واكثر، وهذا ما يستاقنا الي ملاحظة العبارة التي ختم بها هذا المقطع من الدعاء، وهي عبارة (يا شريف الجزاء) حيث ترتبط هذه العبارة بسابقتها، اي عبارة (يا كثير الوفاء) علي نحو ما نوضحه الآن. 
من البيّن، ان الله تعالي عندما يصفه الدعاء بانه (كثير الوفاء) اي: يفي بما وعد عباده من الخير انما يعني انه يفي باكثر ما وعد، يفي بما لا رأت عين ولا اذن سمعت، يعني بما لا حدود له من الوفاء، ومن الطبيعي، ان يتحقق الوفاء بالوعد في نمط (الجزاء)الذي اعدّه لعباده، ولذلك جاءت العبارة التي ختم بها المقطع تتحدث عن (الجزاء) ونمطه، ألا وهو (الشرف)، حيث صيغت العبارة بهذا النحو (يا شريف الجزاء)، فماذا نستلهم منها من جديد؟
ان (الشرف) هو: الرفعة والعلّو وقد سبق ان لاحظنا العبارة القائلة: (يا قديم السناء) اي: الرفعة - في احدي دلالة السناء - مما يعني: ان الله تعالي (رفيع) في عظمته الازلية ومن ثم رفيع في جزائه الذي وعد به عباده. 
والحصيلة هي: ان الله تعالي رحيم بعباده، عظيم في رحمته، انه تعالي يجازي عباده بما وعدهم من الثواب، بما وعدهم من الرضوان، بما وعدهم من الجنان، بل باكثر من ذلك، اي: بما هو كثير ورفيع من الجزاءات الأخروية: علي نحو ما تمّت الاشارة اليه الآن. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة