البث المباشر

شرح فقرة: يا دائم البقاء، يا سامع الدعاء

الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 12:23 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا دائم البقاء، يا سامع الدعاء " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الجديدة، البادئة بهذه العبارات: (يا دائم البقاء، يا سامع الدعاء، يا واسع العطاء)، ان هذه العبارات الثلاث مع كونها متباينة في مظاهر عظمة الله تعالي ورحمته، ولكنها متجانسة في بنائها العضوي، اي: ارتباط بعضها مع الآخر. 
العبارة الاولي تقول: (يا دائم البقاء)، ان هذه الصفة من الوضوح بمكان، ولكنها تتضمن جملة نكات يتعيّن علي قارئ الدعاء ان يتبينها، فما هي مظاهر ذلك؟
اولاً: ان الله تعالي لا اولّ له ولا آخر، وهذا يعني انه ازلي وأبدي، ومع ان عبارة (دائم البقاء) تعني: ابديته تعالي، الا انها توحي بدلالات ثانوية، في مقدمتها ان بقاءه الدائم تعالي هو: استمرارية رحمته، واستمرارية عطائه، وهذا ما نطقت به العبارات اللاحقة لعبارة (دائم البقاء) وتعني بها عبارة (يا سامع الدعاء) وعبارة (يا واسع العطاء). تري ما هي التداعيات الذهنية لهاتين العبارتين وصلتها بالعبارة السابقة (يا دائم البقاء)؟
ان جملة (يا سامع الدعاء) تعني: ان القاري للدعاء الذي نتحدث عنه: يتجه الي الله تعالي في طلب حوائجه، سواء كانت حاجاته دنيوية: كالأمن والصحة والغني أو روحية كالتوفيق الي ممارسة العمل العبادي، او أخروية في طلب ثوابه تعالي وقد سبق ان قلنا ان عبارة (يا دائم البقاء) تستدعي دلالة هي استمرارية عظمته ورحمته وها هو: مصداق الرحمة يتجسّد في إذنه تعالي لعباده بان يتجهوا اليه بالدعاء، وبانه سامع لدعائهم، ومجيب لهم وهذا ما يتداعي الي دلالة اخري مرتبطة بالدعاء واجابته ألا وهي عبارة (يا واسع العطاء). ان هذه العبارة من التنوّع والثراء والزخم ما يجعل قارئ الدعاء في أمل لا نهاية له من حيث تطلعه الي ما يعقب قراءة الدعاء من اجابة لحاجات القارئ للدعاء. 
ومن الواضح، ان (واسع العطاء) يعني: ان الله تعالي لا حدود لعطائه، لاحدود لرحمته، وهذا هو جواب العبارة السابقة (يا سامع الدعاء) حيث اعقبتها عبارة (يا واسع العطاء)، اي: انّه تعالي يعطي عبده الداعي، يعطي صاحب الدعاء ما يتطلع اليه من سعة العطاء. 
اذن اتضح بجلاء مدي الرابط بين العبارات المتقدمة، اي: (يا دائم البقاء، يا سامع الدعاء، يا واسع العطاء)، بالنحو الذي تقدم الحديث عنه.
بعد ذلك نواجه عبارات من نحو: (يا غافر الخطاء، يا بديع السماء، يا حسن البلاء). 
هذه العبارات بدورها تظل متفاوته في دلالاتها، بيد ان العبارة الاولي وهي (يا غافر الخطاء) تظل امتداداً لسابقتها او سابقاتها، اي: العبارات التي استهل بها المقطع وهي: (يا دائم البقاء، يا سامع الدعاء، يا واسع العطاء)، حيث ان سعة العطاء تعني: لا محدودية لرحمته، فاذا اضفنا الي ذلك عبارة (يا غافر الخطاء)، حينئذ فان الدلالة المفضية الي ذلك تعني: ان الله تعالي (عند ما) يمنح عطاءاته الدنيوية والأخروية، يردفها بغفران الذنب، وحينئذ تبلغ السعادة ذروتها، حيث ان العطاء من جانب وعدم العقاب من جانب آخر: يعني تحقيق السعادة في اعلي مستوياتها، وهذا هو منتهي رحمته وعظمته تعالي. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة