البث المباشر

شرح فقرة: يا راتق، يا فاتق

الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 10:07 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا راتق، يا فاتق " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثكم الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا راتق، يا فاتق، ...)، وهاتان العبارتان امتداد لما سبقتها من صفات أو اسماء او مظاهر لعظمة الله تعالي من حيث الخلق والإبداع لمختلف الموجودات، وهنا يعرض الدعاء لمظهرين او إسمين او صفتين تتصلان بعظمة الله تعالي من حيث السماء والارض، حيث ان الرتق والفتق، اي: السد والفصل للأشياء، يظلان مظهرين لعظمة الله تعالي. 
ولكي تتضح دلالة هاتين الصفتين، أي (يا راتق) و (يا فاتق) يجدر بنا ان نتجه الي القرآن الكريم وتفسيره، حتي نتبين مفصلاً ما تعنيه العبارتان المتقدمتان. 
قال الله تعالي في القرآن الكريم «أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا» (سورة الانبياء)، هنا نلفت نظرك الي ان الرتق والفتق يظلان مرتبطين بالسماء والارض: تبعاً لهذه الآية المباركة، وهذا ما اوضحه لنا الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) حينما ذكراً بان السماء كانت رتقاً لا مطر، والارض كانت رتقاً لا تنبت، ففتق الله تعالي السماء بالمطر، وفتق الله تعالي الارض بالنبات. 
اذن، جاءت العبارتان الورادتان في دعاء الجوشن، (يا راتق، يا فاتق) مقتبستين من الآية المباركة المتقدمة، لتشيراً الي معطيين من معطيات الله تعالي: المطر والنبات، ولا أحسبنا اننا بحاجة الي التعقيب علي هذين المعطيين اللذين تعتمد حياة الانسان عليهما: كما هو واضح. 
بعد ذلك تواجهنا عباراتان يختم المقطع بهما، وهما: (يا سابق، يا سامق). 
هاتان العبارتان نعرض لدلالتهما اللغوية، فنقول: بالنسبة الي (سابق) فان (السبق) هو: عدم تقدم شيء علي السابقه وقد ورد في القرآن الكريم «وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ»، اي: لم يسبقنا موجود بهذه الظاهرة او تلك، حيث وردت العبارة بفقرة «نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ»، المهم: ان مقطع الدعاء مادام قد استهل (كما لاحظنا في لقاءات ماضية) بمظاهر تتصل بالابداع او الخلق مثل (يا خالق، يا راتق، يا فاتق،...) حينئذ فان عبارة يا سابق، تظل واضحة الصلة بظاهرة الخلق وانه تعالي غير مسبوق بأحد سواه. 
يبقي ان نحدثك عن العبارة الأخيرة، وهي: (يا سامق). فما ذا نستلهم منها؟ 
الجواب: ان (السمق) او (السموق) تعني لغوياً: العلّو، وحينئذ اذا عرفنا ان هذه العبارة وردت في ختام المقطع الذي بدأ بعبارة(اللهم اني اسألك يا خالق) ثم بالعبارات المرتبطة بالخلق وبأشكاله التي لاحظناها من رتق وفتق، حينئذ نستخلص بوضوح بان الله تعالي وهو: العالي والمتعالي، انما ختم المقطع بهذه الصفة، وهي (العلو) سائر مظاهر العظمة، لان العلّو هو المتجانس تماماً مع عظمة ما يبدع تعالي من الظواهر: كما هو واضح. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة