البث المباشر

شرح فقرة: يا من في القيامة ملكه

الأحد 18 أغسطس 2019 - 14:48 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: "يا من في القيامة ملكه" من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا الى احد مقاطعه القائل: (يا من في الممات قدرته، يا من في القبور عبرته، يا من في القيامة ملكه، يا من في الحساب هيبته،...). 
لقد حدثناك عن هذا المقطع في عبارته القائلة: (يا من في الممات قدرته). ثم في العبارة القائلة: (يا من في القبور عبرته)، وقلنا ان هذا المقطع يتسلسل ويتدرج في عرض مظاهر عظمة الله تعالى بدءً من موت الانسان مروراً بالبرزخ وانتهاء بالمحاسبة، ثم خلود الانسان. والآن نحدثك عن المرحلة الثالثة وهي المتجسدة في عبارة (يا من في القيامة ملكه). ترى، ماذا نستخلص من هذه العبارة؟ 
من البين ان المرحلة الاولى من الحياة الاخرة، هي: (الممات)، ثم (القبر)، وقد حدثناك عنهما، ثم قيام الساعة، حيث تجسدت في عبارة (يا من في القيامة ملكه) وهي العبارة التي نعتزم ان نحدثك عنها.
لقد ورد في سورة الحمد قوله تعالى: «مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ»، حيث اشارت الى القيامة، اي: الى مالكيته تعالى لهذا اليوم، بصفة ان التحديد لمصائر المخلوقات خلوداً يتحقق من خلال هذا اليوم المتمثل في تقديم الجزاء قبالة اليوم الدنيوي المتمثل في ممارسة العمل العبادي على نحو الاختبار، ومن ثم تحديد الجزاءات المترتبة عليه في اليوم الآخر. 
اذن مالكيته تعالى لهذا اليوم قد اتضح بيانه ولذلك نتقدم الى المرحلة التالية لقيام ذلك اليوم، وهي المرحلة التي تجسدها عبارة (يا من في الحساب هيبته). ترى ماذا نستلهم؟ 
الهيبة هي (المخافة) مقرونة بما هو تعظيم، ومن الواضح ايضاً، ان اليوم الآخر مادام اولاً يقترن بتقديم الجزاء على عمل الانسان دنيوياً، حينئذ فان المحاسبة او المحاكمة هي المفضية الى تقديم الجزاء وهذا ما جسدته عبارة (يا من في الحساب هيبته). 
لكن السؤال هو: ما هي الدلالة لمصطلح (الهيبة) وعلاقتها بالجزاء او المحاسبة؟ 
لا نتأمل قليلاً حتى ندرك تماماً ان الحساب هو المقترن بما هو مخوف منه، حيث ان الشخصية مهما كان وعيها العبادي او درجتها تظل بين الخوف والرجاء من الموقف، لذلك فان عبارة (يا من في الحساب هيبته) تعني يا من في المحاسبة مخافته، اي: مخافة عباد الله تعالى من المحاسبة وما يترتب عليها من الجزاء. كما هو واضح، بصفته جزاء خالداً وليس عابراً كالجزاء الدنيوي. 
بعد ذلك نواجه مرحلة مترتبة على سابقتها، وهي المرحلة التي تجسدها عبارة (يا من في الميزان قضاؤه)، ترى ماذا نستلهم منها؟ 
(الحساب) هو محلة اجمالية تمهد لعملية المحاكمة من خلال تقدم الوثائق، وهي (الميزان) الذي يحدد نمط الجزاء ايجابياً او سلبياً، وهذا ما توضحه النصوص القرآنية الكريمة بجلاء حينما نقرأ عبارات من أمثال «فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ» وعبارة «وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ»، فالثقل او الخفة في الميزان، اي: عندما يوزن العمل ويترجح ايجابه او سلبه حينئذ فان الترجيح لاحدهما هو المحدد لمصير الشخصية كما هو واضح. 
بعد ذلك نواجه عبارتين تجسدان هذا المصير، اي: المصير الايجابي اوالسلبي، وهما (يا من في الجنة ثوابه، يا من في النار عقابه)هنا، نحسب بان قارئ الدعاء لا يحتاج الى توضيح الى هذا الجانب ما دمنا قد وضحنا بجلاء مراحل القيامة، وتدرج الموقف، وانتهاءها الى تحديد المصائر الخالدة للانسان، من هنا نسأله تعالى ان يرحمنا برحمته، وان يجعلنا نحظى برضاه تعالى وبالجنة، انه سميع مجيب، ونتوسل بأحب خلقه وهم المعصومين عليهم السلام أن يجعلنا كذلك.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة