البث المباشر

شرح فقرة: يا من في البحر سبيله

الأحد 18 أغسطس 2019 - 14:25 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من في البحر سبيله " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه البادئ بعبارة: (يا من في البرّ والبحر سبيله، يا من في الآفاق آياته، يا من في الآيات برهانه، ...). والآن نبدأ نحدثك عن العبارات المتقدمة، ونقف عند هذه العبارة: (يا من في البر والبحر سبيله)، فماذا نستلهم منها؟ 
لقد ورد في سورة يونس (عليه السلام) ما يأتي: «هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ...». وهذا يعني انه تعالى ذكر لنا البر والبحر وتسخيرهما للانسان، حيث اقتبس الدعاء هذه العبارة (كما يقتبس العشرات من امثالها لتضمين دلالتها) نقول: جاء في تفسير هذه الآية، ان الله تعالى مكن الانسان من المسير في البر والبحر بما هيأ له من آلات السير وهي خلق الدواب وتسخيرها للركوب في البرّ، وكذلك سخر للانسان آلات الركوب في البحر وهي: السفن، وارسال الرياح المختلفة التي تجري بالسفن الى عدة جهات. 
ان هذه الدلالة وسواها تظل واحدة من الاستخلاصات والايحاءات من النص. 
ويمكننا ايضاً ان نتداعى بأذهاننا الى دلالات محتملة، مثل: ان الارض بما تضمه من البر والبحر تظل آية ابداعية من آيات الله تعالى، وهذا الاستخلاص تؤيده العبارة الثانية من مقطع الدعاء وهي: (يا من في الآفاق آياته) والآن نتجه الى هذه العبارة المشحونة بدلالات عظيمة، نقف عندها. 
هذه العبارة من الدعاء (يا من في الآفاق آياته) قد اقتبسها الدعاء من القرآن الكريم ايضاً حيث نقرأ الآية الكريمة التي ختمت بها قبل الآية الاخيرة من سورة السجدة (فصلت)، حيث ورد « سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ...». 
والآن ماذا نستخلص من الآية وفقرة الدعاء التي تتحدث عن آياته تعالى في الآفاق وفي الانفس؟ 
الجواب: يقدم المفسرون جملة من الاستيحاءات او الاستخلاصات، منها: ان الآيات هنا بمعنى الحجج والدلائل على توحيد الله تعالى في آفاق العالم واقطار السماء والارض والشجر والمياه. 
ومنها الدلائل على صدق الرسالة الاسلامية وصاحبها النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، ومنها: الحوادث الماضية في المجتمعات السابقة الى غير ذلك من الاستنتاجات التي لم نذكرها والمهم هو: الحصيلة العامة للنص، وهي ان العبد يتعين عليه ان ينظر الى آياته تعالى حيث يقنع تماماً أو تزيد قناعته بالايمان بالله تعالى وبرسوله (صلى الله عليه وآله) وبأهل البيت (عليهم السلام). 
بعد ذلك تواجهنا عبارة (يا من في الآيات برهانه)، هذه العبارة هي جواب للعبارتين السابقتين، اي: آيات الله تعالى في البر والبحر والآفاق، فماذا نستلهم من التفصيلات والنكات من ذلك؟ 
الجواب: من البين ان الآيات الالهية أو الظواهر الابداعية وتسخيرها من حيوان ونبات وجماد، تظل دلائل واضحة على وحدانيته تعالى من جانب، ورحمته الواسعة من جانب آخر. فان الابداع من العدم الى وجود الظاهرة يظل تعبيراً عن عظمة الخالق في قدرته وارادته وعلمه، ومن الجانب يظل تسخير هذه الظواهر لصالح الانسان، تعبيراً عن رحمته وعطائه ونعمه التي لا تحصى. 
اذن، عندما يقول النص (يا من في الآيات برهانه)، انما يشير الى ما سبق من العرض لآيات الله تعالى في البر والبحر والآفاق، من انها تعبيراً عن عظمته تعالى، وعن رحمته، بالنحو الذي اوضحناه. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة