البث المباشر

شرح فقرة: يا منّور، يا ميّسر، يا مبّشر

الأحد 11 أغسطس 2019 - 14:49 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا منّور، يا ميّسر، يا مبّشر " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة'>الادعية المباركة وفيها دعاء (الجوشن الكبير) حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه: (يا منوّر يا ميسّر يا مبشّر).
ان هذه المظاهر او الاسماء الثلاثة تحوم على موضوعات مشتركة في تعامله تعالى مع عباده.
فالاسم الاول (يا منوّر) يجعل أذهاننا متداعية الى مفهوم (النور) وهو مفهوم طالما يستخدم النصّ الشرعيّ ليرمز به الى الايمان والخير والعطاء. مثل وقوله تعالى: «يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»، وعندما نواجه عبارة (يا منوّر) فننتقل بأذهاننا سريعاً الى انه تعالى (ينوّر) قلوب المؤمنين بنور الايمان، بنور الإسلام، بنور اهل البيت (عليهم السّلام) ومحبّتهم وبالفعل ثمّة نصوص اخرى تشير الى العبارة المذكورة مثل: (يا منّور قلوب المؤمنين) ونحوها ممّا يتوافق مع مضمون عبارة (يا منوّر).
ننتقل الى العبارة الثانية وهي: (يا ميسّر) لنجد انفسنا لسنا بحاجة الى التعقيب على ذلك، نظراً لوضوح العبارة: (يا ميسّر) ومع ذلك يحسن بنا ان نلقي بعض الاشارة على هذا الجانب فنقول: ان الله تعالى مع تلميحه بأن الدنيا سجن المؤمن او ان الانسان خلق في كبد «لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ» ولكنّ الشدائد هنا هي، عطاء بدورها وذلك لجملة اسباب منها: ان الاثابة على الصبر حيالها يعدّ قمة ما يطمح إليه الانسان ومنها: ان الشدّة تقترن بإزاحتها في الآن ذاته وهذا من نحو قوله تعالى: «إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا». من هنا فإن عبارة: (يا ميسّر) تعني انه تعالى ييسّر للشخصية مسيرتها يستوي في ذلك ان يكون (التيسير) روحياً او مادّيا، ولعل اللجوء الى الدعاء يجسد واحداً من اهم المعطيات المرتبطة بإجابته تعالى لعبده، وتيسير اموره في الدنيا والآخرة.
امّا العبارة الثالثة وهي: (يا مبشّر) فتعدّ القمة في عطائه تعالى، انه تعالى (ينوّر) قلوبنا اولاً بنور الايمان ثم (ييسّر) لنا امورنا بعد عسرها ثم (يبشّرنا) في نهاية المطاف بعظيم رضاه واثابته إيّانا. وهل ثمة أضخم عطاء من هذا؟ ان عبارة: (يا مبشّر) تجعل اذهاننا متداعية الى اكثر من بشارة انها حيناً (بشرى) المؤمن بموقعه الاخروي من رضاه تعالى وجنته التي أعدّها لعباده وحيناً هي (بشرى) دنيوية بزوال العسر، وحيناً هي بشرى مشتركة بين معطيات الدنيا ومعطيات الآخرة وهكذا: ولعل تتويج عطاءات الله تعالى من حيث (تنويرها) اولاً لقلوبنا و(تيسّرها) ثانياً لامورنا ثمّ تتويج ذلك بتقديمه تعالى (بشارة) لنا برضاه تعالى وبجنّته يظلّ تعبيراً عن التسلسل التدريجي والمنطقي لطبيعة التعامل من رحمان رحيم بعباده وتبشيرهم بما يتطلّعون اليه في نهاية مطافهم.
والتى نتّجه الى عبارات يختتم بها المقطع وهي: (يا منذر، يا مقدّم يا مؤخّر)، فماذا نستخلص منها؟
بالنسبة الى سمة (يا منذر) تظل (من حيث علاقتها بما قبلها من السمات المشيرة الى التنوير والتيسير والتبشير) نجد (كما حدّثناك في لقاءات سابقة) ان النصوص الشرعية تظل في حالات خاصة تربط بين البشارة وبين الانذار، لأنّ الطبيعة البشرية تتّجه الى تعديل سلوكها من خلال احد هذين الخطين أو عليهما، لذلك فان مجيء عبارة (يا منذر) بعد العبارة المبشّرة (يا بشير) تحمل دلالة ما اشرنا اليه.
امّا عبارتا (يا مقدّم) و (يا مؤخّر) فان الذهن يتداعى منها الى انه تعالى مقلّب القلوب والابصار وانه تعالى يثبت ويمحو ما يشاء، وان التقديم والتأخير لما يرتبط بمصائر العباد او ما يرتبط بتدبير الأمر وسائر شؤون الكون يظلّ محكوماً بما هو منصبّ في (الحكمة) الالهية حيث يظل الامر بيده تعالى وهو ما يعمّق عقيدتنا بعظمة الله تعالى وتقوية ايماننا بأنه تعالى هو الخير المطلق: فى تدبيره لهذا الكون: كما هو واضح.
ختاماً نسأله تعالى ان يجعل عواقب أمورنا خيراً وان يوفّقنا الى الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة