البث المباشر

شرح فقرة: يا من وسعت كل شيء رحمته، يا من سبقت رحمته غضبه

الأحد 11 أغسطس 2019 - 09:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: "يا من وسعت كل شيء رحمته، يا من سبقت رحمته غضبه" من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المبتركة، ومنها: الدعاء الموسوم بـ(الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن جملة مقاطع منها، ونجدثك الان عن احد مقاطعه التي ورد فيه: (يا من وسعت كل شيء رحمته، يا من سبقت رحمته غضبه). 
هاتان العبارتان تحومان على (رحمته) تعالى، ولكنهما متفاوتان في ميدان هذه الرحمة، فالاولى تقر بان رحمته تعالى تسع كل شيء، والاخرى تقر بانها تسبق غضبه ولكل منهما دلالته ونكاته التي ينبغي ان نحدثك عنها. ولنقف اولاً عند عبارة: (يا من وسعت كل شيء رحمته)، ماذا نستلهم منها؟ 
من البين، ان الله تعالى لا حدود لعظمته، ومنها: الرحمة التي يغدقها تعالى على مخلوقاته طبيعياً، المخلوقات متنوعة بين ملائكة وجن وبشر وحيوان. 
ويعنينا الآن ان نحدثك عن رحمته تعالى بالنسة الى البشر ونعتقد ان حصر حديثنا عن البشر: له مسوغاته، لاننا نخاطب بذلك مع ان تسليمنا بان الله تعالى خير محض: يعني ان رحمته تعالى تسع وتشمل وتنسحب على كل مخلوق، لكن بغض النظر عن ذلك، بان عبارة: (يا من وسعت كل شيء رحمته) سوف تتداعى بأذهاننا الى ان رحمته منسحبة علينا ـ نحن البشر الذي فضلنا الله تعالى (على كثير ممن خلق) وحينئذ لامناص من البشارة منه تعالى بان (الرحمة) هي ما نطمح اليها عبر ممارستنا للعمل العبادي الذي خُلقنا من أجله بيد ان السؤال هو: مما لا ترديد فيه، ان البشر ـ غير المعصومين عليهم السلام ـ تصدر الذنوب منه، وحينئذ فان العقاب او الغضب من الله تعالى يفرض مشروعيته وفاعليته أيضاً، لان الانسان ببساطة لا بدّ له من الترغيب ومن الترهيب ايضاً، حتى يتعدل سلوكه، ويتحقق ما يسمى في لغة علم الاجتماع (الضبط الاجتماعي) لتحقيق التوتزن في كيان المجتمعات. 
وهذا في الدنيا واما في الآخرة، ينال المنحرف عقابه، وفي ضوء هذه الحقيقة: نواجه غضباً من الله تعالى ونواجه رحمته، فكيف يتحدد التعامل؟ 
العبارة الثانية تتكفل ببيان هذه الحقيقة، حيث تقول: (يا من سبقت رحمته غضبه).
اذن ما اسعدنا، بل ما اعظم عطاء الله تعالى حيالنا حينما يتعامل مع عباده من خلال (الرحمة) قبل (الغضب) ان الله تعالى ـ وهو خير محض ـ طالما يعفو عنا، طالما يمهل عباده، طالما يذكرهم بالتوبة، بل انه تعالى يقبل التوبة عن عباده، حتى تنسحب مقولة (التائب من الذنب: طمن لا ذنب له)، اي: المنحرف او المذنب: جعل له الله تعالى مجالاً للتوبة بحيث يصبح وكأنه لا ذنب له، اذن ما أعظم رحمته تعالى.
بعد ذلك نواجع عبارتين يُختم بهما مقطع الدعاء وهما: (يا من احاط بكل شيء علمه، يا من ليس أحد قبله)؟ هاتان العباراتان بدورهما تتحدثان عن عظمة الله تعالى ولكن من خلال موضوعين آخرين هما، علمه تعالى وتفرده تعالى. 
اما علمه فلا محدودية له، انه تعالى: المبدع، والمحيط بكل شيء قد ابدعه، من الذرة الى اكبر ظاهرة مادية، ومن السلوك الصادر عن البشر: في تفكيره ونيته، وكلامه، وتعامله مع الآخر. 
۱. واما انه تعالى لا أحد مثله، فلا يحتاج الى تعقيب مادام الله تعالى هو: الموجود الازلي الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ.
اذن المقطع تحدث عن عظمة الله تعالى في مختلف جوانبها، وختم ذلك بانه تعالى لا احد مثله، اي المتفرد في وجوده وعظمته. 
ختاماً نسأله تعالى ان يشملنا برحمته، وان نوّفق الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة