البث المباشر

شرح فقرة: "احفظ علينا ما لو حفظه غيرك ضاع، ...".

الإثنين 5 أغسطس 2019 - 15:01 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " احفظ علينا ما لو حفظه غيرك ضاع " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نتابع حديثنا عن ادعية الزهراء (عليها السلام)، ومنها احد ادعيتها الذي ورد فيه: (صل على محمد وآله واحفظ علينا ما لو حفظه غيرك ضاع، واستر علينا ما لو ستره غيرك، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء)، هاتان الفقرتان وردتا في ادعية احد ايام الاسبوع ويعنينا منه ما يرتبط اشد الارتباط بحياتنا اليومية وعلاقتنا مع الاخرين بما في ذلك اوثق العلاقات بين الاطراف، اولها: التقدير او الاحترام او الحفظ للاخر والثاني: الستر على العيوب. وقد توسلت الزهراء (عليها السلام) بالله تعالى بان يحفظ على قارئ الدعاء ويستر عليه بحيث ان الاخر، لايتقيد بالحفظ وبالستر. ولنتحدث الان بالتفصيل عن هاتين الظاهرتين.
بالنسبة الى (الستر) يظل واحدا من الظواهر التي لا يكاد الشخص ان يتقيد به نظرا لدوافعه وحاجاته وغرائزه غير المشروعة او لنقل: نظراً لمرض الشخصية ونزوعها الى العدوان او الأنا، لذلك تطالب النصوص الشرعية الانسان الا يعطي اسراره الى صديقه، لان الصديق قد يتحول الى عدو، وحينئذ يستثمر هذا السر ويشهر صاحبه، ويعرضه للاذى في حالة تحوله الى عدو وهذا ما لاحظناه في حياتنا اليومية عبر حالات متنوعة تحول فيها الصديق الى عدو ففضح صاحبه.
ليس هذا فحسب، بل ان الصديق نفسه حتى لو لم يتحول الى عدو فان النزعة الذاتية العدوانية لديه تحمله على ايصال الاذى للاخر حتى لولم تكن ضرورة طارئة لها بُعد عدائي. لكن النزعة العدوانية ذاتها او نزعة (الأنا) تفرض عليه ان يفضح صاحبه حتى تتحرر اعماقه من الاحساس بنزعته المرضية. المهم ان الزهراء (عليها السلام) في اشارتها الى ان الله تعالى يستر على عبده ما لو اطلع الاخرون عليه لما كتموه بل افشوه، اي السر او العيب، وهذا يجعل الذهن متداعياً الى عظمة الله تعالى ورحمته بعباده في عملية الستر، وذلك لان الشخصية طالما تنزع الى احترام الذات والتقدير الاجتماعي، ولذلك تحرص على سمعتها وكرامتها، فاذا لم يستر على عيوبها، حينئذ تتعرض الى الذل الاجتماعي وهذا مالم تتحمله، بل ان الاسلام نفسه طالما يوصي بعدم تعريض الشخصية ذاتها الى الذل. اذن: الستر على العيوب يظل من صفات الله تعالى وهي رحمة لا حدود لها، كما هو واضح.
اما الظاهرة الاخرى فهي: الحفظ كما اشرنا، والحفظ هو: المنع من الضياع، ولذلك قالت الزهراء (عليها السلام): (واحفظ علينا ما لو حفظه غيرك ضاع) ، والحفظ يتناول جملة ظواهر ولعل الذهن يتداعى من لفظة (الحفظ) الى عملية التقدير او التثمين ان الله تعالى طالما يشير من الكتاب الْمَجِيدِ ، والمعصومون (عليهم السلام) طالما يشيرون في احاديثهم الى ان من عظمة الله تعالى في ميدان الرحمة انه اذا تقدم العبد خطوة واحدة تقدم اليه الله تعالى عشراً، كما تشير الى ان الله تعالى يثيب الكثير على العمل القليل، وتشير الى ان جَزَاءُ الإِحْسَانِ هو الإِحْسَانِ. اذن النصوص الشرعية تؤكد مفهوم (الحفظ) اي: منعه من الضياع، مما يعني: الحفاظ عليه وترتيب الاثر عليه: وهو الجزاء، كما المحنا.
اما العبد فليس كذلك، وهذا ما اكدته الزهراء (عليها السلام) حينما اوضحت ان غير الله تعالى يضيع ما ينبغي ان يحفظ. والسبب هو: قصور الانسان -الا الابرار- عن ممارسة السلوك الموضوعي الصرف اي: السلوك غير المقترن بطمع للمال او للجاه او لسواهما من النزعات غير المشروعة عند غالبية البشر. 
اذن امكننا ان نتبين بجلاء ما حفل به دعاء الزهراء (عليها السلام) من الاشارة او التوسل بالله تعالى بان يحفظ علينا، وان يستر علينا، حيث ان ذلك مما يجسد لدى الانسان حاجة ملحة الى التقدير واحترام الذات بالشكل الذي اوضحناه. ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة