البث المباشر

شرح فقرة: "اللهم فوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك..."

الأحد 4 أغسطس 2019 - 15:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: شرح فقرة: "اللهم فوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك" من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها: أدعية الزهرا (ع) ، حيث حدثناك عن احد أدعيتها الخالص بتعقيب صلاة العصر، وانتهينا من ذلك الى مقطع جديد بدأ على النحو الآتي:
(اللهم فوضت امري اليك، والجأت ظهري اليك، واسلمت نفسي اليك...) هذه ثلاث عبارات، كل واحدة منها تحمل دلالة خاصة، مع ملاحظة ان العبارات الثلاث تشكل دلالة مشتركة في الآن ذاته، اي: ثمة دلالة مشتركة بين العبارات (فوضت) (الجأت) (اسلمت) حيث تشترك في دلالة هي: اللجوء الى الله تعالى فحسب،.. واما الدلالات المتفاوتة، فما لا ترديد فيه ان (التفويض) غير (الإلجاء) والتسليم، وكل من الاخيرين يفترق عن الآخر وهكذا...
وما نستهدفه الآن هو ملاحظة العبارات المتقدمة...
و نقف اولاً عند فقرة (فوضت امري اليك)... ترى ماذا نستلهم منها؟
رجعنا الى النص القرآني الكريم في قصة مؤمن آل فرعون حيث استشهد (كما يقول النص المفسّر) ولكنه قبل ذلك قال (وافوض امري الى الله)... هذه العبارة فيستطيع عن خلالها ان نتبين دلالتها الواردة في الدعاء، فالتفويض يعني: ان الشخص صير امره الى الله تعالى وحبله الحاكم على ما يحدث، وحيث نتجه الى عبارة الدعاء حينئذ نستخلص بان القارئ للدعاء قد صير امره الى الله تعالى يصنع به كيف يشاء دون ان يقترن ذلك بأي اقتراح... فاذا فرضنا ان قارئ الدعاء قد ابتلى بعدوّ فان قارئ الدعاء يصير أمر هذه الظاهرة الى الله تعالى، حيث يتكفل تعالى بتحديد ما ينتهي به الامر، سواءا كان ذلك ينتهي بنصرته تعالى بعده أو بمجازاته في اليوم الآخر...
هنا نتجه الى عبارة (اسلمت نفسي) قبل ان نحدثك عن عبارة (الجأت ظهري) نظراً للتجانس الشديد بين مصطلحي (التفويض) و(التسليم)... لذلك نتسائل: ما الفارق بين عبارة (فوضت) و(اسلمت)؟
من جديد نتجه الى النص القرآن الكريم ايضا:حيث نقرأ: (.. اسلمت وجهي لله... ) والآن لو قارنا بين (فوضت) التي تعني: ان الشخص يصير امره الى الله تعالى يصنع به كيف يشاء، نجد ان عبارة (اسلمت) تعني: انقدت اي: الانقياد الى الله تعالى ،...اذن : التفويض والانقياد متماثلان هنا تقريباً، ولكن الفارق هو: ان الانقياد هو ممارسة طوعية، بينما التفويض: يقترن بشدة، اي: التسليم هو الاذعان لله تعالى والتفويض هو توكيل اليه في صنع هذا الأمر او سواه.
يبقي ان نحدثك عن عبارة (الجأت ظهري اليك).... فماذا نستلهم منها؟
هذه العبارة تجسّد صورة فنية هي: الصورة الرمزية أو الصورة الاستعارية ،... انها تشترك مع العبارتين المتقدمتين في دلالة هي: ان امر العبد موكول الى الله تعالى ، وكلنها تفترق عنهما بما نوضحه من الصياغة الفنية للصورة المذكورة... فما هي : معالم الصورة الرمزية او الاستعارية المتقدمة؟ الجواب : ان (الظهر) هو ما يقترن بما يستند أو يتّكأ عليه، فاذا اسندت ظهرك الى الوسادة مثلاً فهذا يعني: انك جلست وانت المرتاح أو المطمئن في جلستك،.. فاذا انقلنا ذلك الى الاستناد الى الله تعالى اي: نطلب الراحة من الله تعالى ، حينئذ فان الجاء الظهر الى الله تعالى يعني: اسناد امور العبد الى الله تعالى ... اذن: ما الفارق بين اسناد الأمر، وتفويض الأمر، وتسليم الأمر؟ الجواب: الاسناد هو مطلق ما يتطلع الانسان اليه من الاشباع لحاجاته بينما التفويض هو: جعل الأمر بيد الله تعالى فيما يعانيه العبد من الشدة مثلاً، بينما التسليم هو: انقياد العبد لله تعالى في الايمان بمبادئ الشريعة.. الخ.
ختاماً: نسأله تعالى أن يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة