البث المباشر

هل من ناصر ينصرني؟

الأربعاء 29 مايو 2019 - 12:07 بتوقيت طهران

"كنت ربيع الآيتام لإ وعصمة الآنام وعز ألاسلام، ومعدن الاحكام، وحليف الانعام، سالكا طريقة جدك وأبيك، مشبها في الوصية لأخيك، وفي الذمم، رضي الشيم، ظاهر الكرم، شريف النسب، منيف الحسب، رفيع الرتب، كنت للرسول ولدا، وللقرآن سندا، وللامة عضداً، وفي الطاعة مجتهداً، حافظاً للعهد والميثاق، ناكباً عن سبيل الفساق، زاهداً في الدنيا زهد الراحل عنها، ناظراً إليها بعين المستوحشين منها".
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كتب الله لكم أحسن الأجر بمواساتكم رسول الله وآله (صلوات الله عليه) وعليهم في مصابهم العظيم بسيد شباب أهل الجنة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، الذي اشتهرت عناية النبي (صلي الله عليه وآله) به وبأخيه الحسن المجتبي (عليه السلام)، لما صب عليهما من محبته، ولطفه ورأفته، وما قال فيهما من ذكر فضائلهما، وما أوصي الأمة بهما، روي الحضرمي الشافعي في كتابه (وسيلة المآل في عد مناقب الآل)، عن سعيد بن راشد أن الحسن والحسين جاءاً يوماً يسعيان الي رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فأخذ أحدهما وضمه الي إبطه، وأخذ الآخر وضمه إلي إبطه الآخري، ثم قال: "هذان ريحانتي من الدنيا، من أحبني فليحبهما".
وكتب الهيثمي الشافعي في (مجمع الزوائد)، والكنجي الشافعي في (كفاية الطالب)، وابن حجر المكي الشافعي في (الصواعق المحرقة)، أن فاطمة الزهراء صلوات الله عليها أتت بالحسن والحسين إلي رسول الله في شكواه التي توفي فيها، فقالت: يا رسول الله، هذان ابناك، فورثهما شيئاً، فقال: "أما حسن، فله هيبتي وسؤددي، وأما الحسين، فله جرأتي وجودي".
وروي الخوارزمي الحنفي بأسناده عن سلمان المحمدي الفارسي، أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) كان يقبل عيني الحسين ويلثم فاه ويقول له: "إنك سيد ابن سيد أبو سادة، إنك إمام ابن إمام أبو أئمة، إنك حجة أبو حجج تسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم".

*******

المحاورة: كانت للحسين (عليه السلام) عدة دعوات لطلب النصرة في يوم عاشوراء تجاهلها الناس رغم أنها تصدر من داعي الله وسبط رسوله الأكرم (صلي الله عليه وآله) ولكن هل أن دعوته هذه خاصة بيوم عاشوراء أم تشمل المسلمين من كافة الاجيال؟ نستمع للاجابة عن هذا السؤال من سماحة الشيخ شاكر فردان الباحث الاسلامي من البحرين:
الشيخ شاكر فردان: ثورة الحسين صلوات الله وسلامه عليه اراد الله لها ان تتقدم كنموذج للبشرية جمعاء وتمثل كل الجوانب العامة في الحياة ولا تختص بفئة دون فئة سواء في الخطابات التي قدمها الحسين صلوات الله وسلامه عليه من اول لحظة خروجه من المدينة الى مكة ثم الى كربلاء او من خلال المواقف التي قام بها الامام الحسين او اصحابه، اصحاب البصائر الذين كانوا يتحلقون حول الحسين صلوات الله وسلامه عليه حتى تبقى ثورة الحسين تمثل الرمز للمظلومية للمطالبة بالعدالة لأثبات الحق، كل هذه الجوانب صرخة الامام الحسين في عمق التاريخ لما نادى «هل من ناصر ينصرني» هو لا يطلب النصرة في تلك اللحظة فقط ولا يطلب النصرة لشخصه لأن الحسين ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو طلب الحق الا انه يقدم الصرخة في ضمير التاريخ على امتداده من اول يومه الى اخر يومه لتمتد هذه الصرخة بنداءات الامام المهدي المنتظر الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف، هذه الصرخة تنادي كل انسان يحمل ضمير في داخله من دون ملاحظة الدين او المذهب انما تناشد انسانية الانسان حينما يكون هناك مظلوم وحينما يكون هناك عدل مستلب وحينما تكون هناك ظلامات في المجتمع فأن لسان الحق ينادي اصحاب الضمائر ان ينصروا الحق اينما كان وان يقفوا الى جانب المظلوم في وجه الظالم، في حياتنا التي نعيش فيها الكثير من الظلامات في حق مغتصب كالحق الفلسطيني وغيره من الحقوق التي تعاني منها الشعوب المستضعفة في الكون كله هؤلاء يحتاجون الى صرخة الحسين ان تكون قريبة من آذانهم وتحتاج الى تنشيط وتحفيز الضمائر الحية في كل انحاء الوطن، في كل انحاء الكون الذي يعيش فيه هذا الانسان، هذه الصرخة المباركة وهذا النداء الذي ناداه الامام الحسين في يوم العاشر من المحرم«هل من ناصر ينصرني» ينصر الحق وينصر الاسلام وينصر العدالة في اي زمن وفي اي مكان دون ان يتحدد النداء في حدود معينة ومعنى ذلك لو اننا اردنا ان نقرأ هذا النداء او غيره من النداءات او نستقرأ موقفاً من المواقف في حدود التاريخ الذي حدث فيه هذا الحدث او وقع فيه هذا الخطاب نقتل الثورة ونخنق خطاباتها ونجمد كل سلوكياتها، اراد الله لهذه الثورة المباركة ولهذه الحركة المباركة ان تكون حية ونشطة على امتداد التاريخ تحفز الانسانية وتحفز البشرية، تخاطب ضمائرها وتستشعرها القوة وتعطيها لغة النصر تستمده من حركة الحسين صلوات الله وسلامه عليه فأذن هذا الشعار لايجمد في الحدث وانما يمتد امتداد الانسان وامتداد الزمان الذي يعيش فيه هذا الانسان.

*******

ها نحن نتابع تقديمها بمتابعة الحديث عن تأكيدات سيد الشهداء لوراثته لرسول الله (صلي الله عليه وآله) أجل، لقد كان للامام الحسين (صلوات الله عليه) من رسول الله (صلي الله عليه وآله) كثر من وراثة نسبية، ووراثة سببية، وراثة أبوية، وأخري سبطية، وراثة روحية، وثانية بدنية، وراثة والدية ووراثة رسالية، ومن هنا أعلن الامام الحسين (عليه السلام) للناس أنه من أهل البيت النبوي، وأنه قام ليتم مسيرة المصطفي في أمته، فاذا كان رسول الله قد نهض بالنبوة وقاتل علي التنزيل، فإن أهل البيت نهضوا بخلافته كما أمر الله في كتابه وصرح بذلك رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقاموا بالامامة وهم أهلها، وقاتلوا علي التأويل، إصلاحاً لما فسد، ودفاعاً عن حرمات الدين، وكشفاً للانحرافات والاضاليل، ومن أولي بذلك يومها من الحسين سيد شباب اهل الجنة، الذي دعاه الصحابة - ومنهم ابن عباس - بابن رسول الله، ولما استشهد أقر عبد الله بن عمر أن القوم قتلوا ابن رسول الله، وقبل ذلك خطب يزيد ابن مسعود النهشلي في البصرة يدعو الناس إلي نصرة الامام فقال لهم: هذا الحسين بن علي، ابن رسول الله (صلي الله عليه وآله)، ذو الشرف الأصيل، والرأي الاثيل.
وقبل ذلك لما أشار مروان بن الحكم علي والي المدينة الوليد بن عتبة أن يقتل الحسين غدراً إن لم يبايع، أجابه الوليد قائلاً: والله يا مروان، ما أحب أن لي الدنيا وما فيها وأني قتلت حسينا، سبحان الله! أقتل حسينا إن قال لا أبايع؟! والله إني لأظن أن من يقتل الحسين يكون خفيف الميزان يوم القيامة!
وقبل ذلك كله، كم تقدم رسول الله (صلي الله عليه وآله) في بيانات عديدة ذاماً ومحذراً، بل ومخاصماً كل من يقدم علي قتل ولده الحسين (عليه السلام)، حتي آخر ساعة من عمره الشريف، فقد روي الخوارزمي عن ابن عباس قوله: ثم أغمي علي رسول الله ساعة، ثم أفاق فقال: "يا حسين، إن لي ولقاتلك يوم القيامة مقاماً بين يدي ربي وخصومة، وقد طابت نفسي أذ جعلني الله خصماً لمن قاتلك يوم القيامة".
وبعدة، هل خفيت علي الناس بعد البيانات النبوية، تلك الملامح النبوية، التي شعت في شخصية أبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه)، حتي كتب عباس محمود العقاد في مؤلفه (أبو الشهداء الحسين بن علي) قائلاً: الحسين مثل للناس في حلة من النور تخشع لها الابصار، باء بالفخر الذي لا فخر مثله في تواريخ بني الانسان، غير مستثني منهم عربي ولاعجمي، وقديم وحديث، وكتب الأستاذ الدكتور حسن عباس نصر الله في مؤلف له سماه (الإمام الحسين قبس من نبوة): ولد الحسين في بيئة النبوة، فباركته الكائنات، ورددت: سلام عليه يوم ولد ويوم استشهد، فالامامة قبس من نبوة، فكان الحسين المشكاة والزجاجة والنور، وتلك مقولة جده رسول الله "حسين مني وانا من حسين".
نعم، وقد تقدم الامام الحسين في بياناته الحكيمة بالهدف النبوي، لأنه الوريث النبوي، ففي طريقه الي كربلا، يوم اجتمع به من الكوفة في الثعلبية، كان له (عليه السلام) معه كلام جاء فيه: "أما والله لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل في دارنا، ونزوله بالوحي علي جدي. يا أخا أهل الكوفة، من عندنا مستقي العلم، أفعلموا وجهلنا؟! هذا مما لا يكون!" ويوم جاء الحر الرياحي بألف فارس ليحول بينه وبين دخول الكوفة، خطبهم فقال (عليه السلام) لهم: "أيها الناس! إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله، يكن أرضي لله، ونحن - إهل بيت محمد (صلي الله عليه وآله) - أولي بولاية هذا الامر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين بالجور والعدوان". ومازال الحسين (صلوات الله عليه) من المدينة الي كربلاء يدلي ببياناته، وفيها مرارا: أيها الناس! أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال، وكذا جاء فيها: أنا الحسين بن علي، وابن فاطمة بنت رسول الله. واستنصر الناس ليرفعهم الي كمستوي التكليف الذي بلغه النبي (صلي الله عليه وآله)، فقال (عليه السلام) لعبيد الله بن الحر: "هل لك من توبة تمحو بها ذنوبك؟"
سأله ابن الحر: وما هي يا ابن رسول الله؟
فأجابه الحسين (عليه السلام): "تنصر ابن بنت نبيك وتقاتل معه".
وأكثر من ذلك، فالحسين (سلام الله عليه) دعا عمر بن سعد إلي نصرته لينقذه مما ورطته نفسه الطامعة فسولت له قتل آل رسول الله، فأرسل اليه الحسين واجتمع به ليلا في كربلاء، وكان له معه حديث، قال له (عليه السلام) فيه: "يا ابن سعد، أتقاتلني؟! أما تتقي الله الذي إليه معادك؟! فأنا ابن من علمت، ألا تكون معي وتدع هؤلاء، فإنه أقرب إلي الله تعالي؟!"، ولكن كان في مقابل الاستنصار، خذلان واعتذار وقد خاطبهم الحسين (عليه السلام) بهذه الأبيات كاشفا عن الحقائق المرة:

إذا استنصر المرء امرءا لا يديّ له

فناصره والخاذلون سواء

أنا ابن الذي قد تعلمون مكانه

وليس علي الحق المبين طخاء

أليس رسول الله جدي ووالدي

أنا البدر إن أخفي النجوم خفاء

ألم ينزل القرآن خلف بيوتنا

صباحاً، ومن بعد الصباح مساء

بأي كتاب، أم بأية سنة

تناولها عن أهلها البعداء؟

ألم ينزل القران في بيوتنا

صباحاً، ومن بعد ألصباح مساء

بأيكتاب، أم بأية سنة

تناولها عن أهلها ألبعداءُ؟!

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة