البث المباشر

شرح فقرة: "يا خير الوارثين، يا خير الحامدين، يا خير الذاكرين..."

الثلاثاء 23 إبريل 2019 - 21:28 بتوقيت طهران

( الحلقة 8 )

موضوع البرنامج:

شرح فقرة: "يا خير الوارثين، يا خير الحامدين، يا خير الذاكرين..."

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: الدعاء الموسوم بـ(الجوشن الكبير) حيث حدثناك عن مقطع الثالث في قسم منه، ونحدثك الآن عن القسم الآخر من المقطع المذكور، وهو عبارة (يا خير الوارثين) وما بعدها. فماذا نستخلص منها؟
ان قارئ الدعاء لا بد وان يتداعى الى ذهنه، بأن الله تعالى عندما يكون (خير الوارثين) فلأن وراثة الشيء تعني: القيام بما يرتبط بأمور ذلك الشيء، فالوراثة هي: تسلم الامر، وعندما ننتقل من ملاحظة الوراثة البشرية الى وراثة الله تعالى، يمكننا ان نستخلص ما يلي:
ان الله تعالى هو خير من نطمح الى رعايته لشوؤننا، انه تعالى لا يرفع عنايته عنا لحظة ابداً، لان رفع العناية هو: انعدام الفاعلية في الكون: طالما نعرف بوضوح ان كلّ الكون قائم على رعايته تعالى ولا شريك له في ذلك.
اذن هو خير من يتولى برعايته شؤوننا ولا احد سواه يضطلع بذلك، انه يرسل الحفظة من الملائكة مثلا لحفظنا من الاسواء، انه يرعانا من خلال ما يوظفه من قوى مختلفة. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا خير الحامدين)، فماذا نستخلص منها؟
الجواب: ان الله تعالى يحمد عباده ويشكرهم ويجازيهم و...، بأضعاف ما يصدر عنهم من الحمد لله تعالى، انه يمنح الكثير من العطاء بالقليل من العمل، ألم نقرأ الدعاء القائل (يا من يعطي الكثير بالقليل)؟
انه الحمد من خير الحامدين، انه تعالى وهو مطلق الخير، لا بد وان نعرف بأنه لا نهاية لما يصدر من الخير حيالنا وكفى ان نجده (خير حامد ٍ).
بعدها نواجه عبارة (يا خير الذاكرين): فماذا نستلهم منها؟
الجواب: ان الله تعالى (يذكر عباده بالخير) وهذا مما لا شك فيه البتة والذكر هنا يعني: رعايته تعالى ايضاً لعباده، وهو ما يتجانس مع العبارات السابقة في مقطع الدعاء، اي: ثمة دلالات مشتركة بين كونه تعالى (وارثاً) وكونه تعالى (حامداً) وكونه تعالى (ذاكراً).
ان التجربة البشرية اذا كانت ذاكرة في تقديمها العطاء للآخر، فان الذكر هنا محدود بطبيعة الحال، حيث لا تسمح المحدودية بتحقيق الاشباع للآخر، بالعكس من الاشباع الذي يحققه تعالى لعبده وهذا كله فيما اذا قارنا بين ذكر الله تعالى لعباده وذكر العباد للآخرين او استثمار الذكر لحمد الله تعالى وتمجيده. 
ولكن اذا قارنا الذكر بعدم تحققه البتة لدى البشر في بعض نماذجه، حينئذ يكون (الذاكر) - وهو الله تعالى - هو المتفرد في عطائه ورعايته لعباده كما هو واضح.
بعدها نواجه عبارة (يا خير المنزلين) وعبارة (يا خير المحسنين) وبهما يُختم المقطع، فماذا نستخلص منهما؟ 
بالنسبة الى عبارة (يا خير المنزلين)، تجعلنا نتداعى باذهاننا الى الآية القرآنية الكريمة «وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ»، اذن (خير المنزلين) هي عبارة قرآنية كريمة اقتبسها الدعاء، ومرّرها في المقطع المشار اليه ولكن ماذا تعني العبارة؟
العبارة هي - كما اشرنا - اقتباس او تضمين او تناص، كما تعبر اللغة المعاصرة عنه (من الزاوية الفنية) الا ان استثمارها من حادثة تاريخية وهي: حادثة الطوفان، حيث جاءت العبارة تعقيبا على انقاذ الله تعالى عباده المخلصين من الغرق في حادثة السفينة التي حملتهم وانزلتهم منزلاً مباركاً، وهذا يعني ان العبارة تستهدف الى الاشارة الى ان الله تعالى هو خير من يُنزل عباده الى النجاة، سواء اكانت النجاة دنيوياً او اخروياً، ولهذا تتجانس العبارة مع سابقاتها (الوارث، والحامد، والذاكر)... كما تتجانس مع العبارة الاخيرة من المقطع وهي عبارة (يا خير المحسنين) (فيما سنحدثك عنها في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى..). 
ختاماً نسأله تعالى ان ينزلنا خير مُنزل، انه خير المنزلين، كما نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

                                             *******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة