البث المباشر

علي (ع) في الآية الولاية (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ...)

الأربعاء 25 سبتمبر 2019 - 15:10 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 30

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الواحد الاحد، الفرد الصمد، وأشرف الصلاة والسلام على نبي الهدى محمد، وعلى آله اولي المجد والسؤدد. ايها الاخوة الاعزة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم مرة اخرى في لقاء طيب آخر، وعودة الى آية الولاية المباركة، قوله تبارك وتعالى: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ"(المائدة: ٥٥)، حيث فسرت الولاية في الآية الكريمة، بتوليّ الامر وقد اشتملت على وحدة المعنى، حيث اسندت الى الجميع: الله ورسوله والذين آمنوا، فالظاهر كون الولاية في الآية جاءت بمعنى واحد. ويؤيد ذلك قوله تعالى في الآية التالية: "فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ" ، حيث يدل على كون المتولين جميعاً حزب الله تبارك وتعالى، لكونهم تحت ولايته، فولاية الرسول والذين آمنوا، انما هي من ولاية الله عزوجل.
وقد فسر الامام الصادق عليه السلام قوله تعالى: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ" بقوله: إنما يعني أولى بكم، أي أحق بكم وبأموركم، وأنفسكم وأموالكم: الله ورسوله. ثم قال عليه السلام: (والذين آمنوا) يعني علياً وأولاده الائمة عليهم السلام الى يوم القيامة. فيما ذكر ابن الاثير في (أسد الغابة في معرفة الصحابة)، والمتقي الهندي في (كنز العمال)، والمناويّ وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: علي من بعدي أولى من جميع الناس بالتصرف بأنفسهم. وروى أحمد بن حنبل في (مسنده)، وأبو نعيم في (حلية الاولياء)، وعشرات غيرهما من علماء السنة أن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: ان علياً وليكم بعدي.
وفضلاً عما ورد من الاحاديث النبوية الشريفة مفسرة لآية الولاية، ومخصصة علياً عليه السلام بأنه المعني بالذين آمنوا، ومتوسعة الى الائمة الاحد عشر من ولده الخلفاء الاوصياء لرسول الله صلى الله عليه وآله، فقد جاء عن الصحابة عديد أخبارهم وأقوالهم وآرائهم في ان الآية نازلة بشأن الامام عليّ وولايته سلام الله عليه. من ذلك ما رواه البلاذريّ في (أنساب الاشراف) عن ابن عباس قوله في الآية: نزلت في عليّ. وما رواه محمد كرد علي في (خطط الشام) عن ابي هارون العبيدي قوله: كنت أرى رأي الخوارج لا أتولى غيرهم حتى سمعت أبا سعدي الخدريّ يقول: أمر الناس بخمس، فعملوا بأربع وتركوا وحدة! قلت: يا ابا سعيد! ما هذه الاربعة؟ قال: الصلاة والزكاة والحج والصوم. قلت: فما الواحدة التي تركوها؟! قال: ولاية علي بن أبي طالب. قلت: وإنها لمفترضة معهن؟! قال: نعم. قلت: فقد كفر الناس! قال: فما ذنبي!.
أما من روى أن الآية نازلة في ولاية الامام علي عليه السلام معنى الآية ونصاً من رسول الله صلى الله عليه وآله في بيانها وتفسيرها فكثير، منهم: عمار بن ياسر، وأبو ذر الغفاري، ومجاهد، ومقاتل، والمقداد بن الاسود الكنديّ، وحسان بن ثابت، وعطاء بن السائب، والسديّ، وعتبة بن أبي حكيم، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبدالله الانصاري، وعبد الله بن سلام، وأبو رافع مولى رسول الله، وأنس بن مالك، وغيرهم.
وأما المصادر التي روت مطمئنة مصححة وموثقة، أن الذي نزلت فيه الآية وقد أعطى الزكاة وهو راكع هو علي عليه السلام، فكثيرة هي الأخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر، تفسير القرآن العظيم لابن كثير، وأسباب النزول للواحدي، والدر المنثور للسيوطيّ، وكنز العمال للهنديّ، وفتح القدير للشوكانيّ، وجامع الاصول لابن الاثير، وكفاية الطالب للكنجيّ الشافعي، وتفسير القرطبيّ (الجامع لاحكام القرآن)، وتفسير الطبريّ (جامع البيان)، وتفسير الثعلبيّ (الكشف والبيان) وتفسير الزمخشريّ (الكشاف)، و(شواهد التنزيل) للحسكاني، و(تاريخ دمشق) لابن عساكر، و(الفصول المهمة) لابن الصباغ المالكي، وعشرات اخرى من الكتب التفسيرية والحديثية بأقلام علماء السنة فضلاً عن علماء الشيعة، توقفنا كلها على امور مهمة، أوضحها أمران: الاول، أن آية الولاية نازلة في أمير المؤمنين علي عليه السلام بالقطع والاجماع، والثاني، أن الولاية المقصود بها في الآية: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ" هي تولي أمور الناس بما في ذلك أنفسهم وشوؤن حياتهم وأموالهم وقضاؤهم وجميع مناهج دينهم ومعاشهم، دنياهم وآخرتهم. وهي تعني بذلك الولاية الالهية التي البسها الله تعالى رسوله، وخلفاءه الائمة الهداة من بعد رسوله صلى الله عليه وآله، وتلك هي الامامة الحقة.
قال الآلوسي الشافعي في تفسيره (روح المعاني) في ظل آية الولاية: واستدل الشيعة بها على امامة عليّ كرم الله وجهه. ووجه الاستدلال بها عندهم ان الآية بالاجماع نزلت فيه كرم الله وجهه. وكلمة (إنما) تفيد الحصر، ولفظ الولي يعني المتولي للامور، والمستحق للتصرف فيها. والظاهر أن المراد هنا هو التصرف العام المساوي للإمامة، بقرينة ضم ولاية عليّ كرم الله وجهه بولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم. فثبتت إمامته وانتفت إمامة غيره، والا لبطل الحصر. ولا اشكال في التعبير عن الواحد بالجمع (الذين آمنوا) لفائدتين كما ذكر علماء العربية: تعظيم الفاعل، وتعظيم الفعل. اما شرف الدين الاستربادي، فقد كتب في مؤلفه (تأويل الآيات الظاهرة): الوليّ هنا هو الاولى بالتصرف، لقوله تعالى: "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ" (سورة الاحزاب: ٦). والولي ايضاً هو الذي تجب طاعته، ومن وجبت طاعته، وجبت معرفته، لأنه لا يطاع الا من يعرف. فلما بين سبحانه الاولياء بدأ بنفسه، ثم ثنى برسوله، ثم ثلث بالذين آمنوا. فلما علم سبحانه أنّ الامر سيشتبه على الناس وصف الذين آمنوا بصفات خاصة لم يشركهم أحد، فقال: "الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" . وقد اتفقت روايات العامة والخاصة، أن المعني بالذين آمنوا هنا أمير المؤمنين عليّ، لأنه لم يتصدق أحد وهو راكع غيره.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة