البث المباشر

علي عليه السلام جامع القرآن

الأربعاء 25 سبتمبر 2019 - 15:09 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 24

بسم الله والحمد حقه، كما يستحقه، وأزكى الصلاة والسلام على حبيب الله المصطفى رسوله، وعلى ائمة الحق أوصيائه وآله، إخوتنا المؤمنين الأكارم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في خصوص القرآن الكريم، يمتاز أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بأمور مهمة وعديدة، في مقدمتها، المعرفة النورانية بكتاب الله جل وعلا، والغيرة البصيرة عليه. فقد عرفه رسول الله صلى الله عليه وآله بكل ما نزل من الآيات المباركة، كيف نزلت ومتى وأين، وفي أي مورد وسبب، وما هي مقاصدها وآفاقها، ثم كلفه بعد ذلك بجمع سور الكتاب العزيز وبيان ما يتسنى للناس فهمه وقبوله، وما يبقى عليهم حجة بالغة الى يوم القيامة. فنهض أمير المؤمنين عليه السلام بهذه المسؤوليات العظمى التي خلفها عليه النبي صلى الله عليه وآله.
روى الخوارزمي الحنفي في (المناقب)، وأبو نعيم في (حلية الاولياء)، وشهاب الدين الايجي الشافعيّ في (توضيح الدلائل) أن الامام علياً عليه السلام قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، أقسمت أن لا اضع ردائي على ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي على ظهري حتى جمعت القرآن. وفي رواية ابن النديم في كتابه (الفهرست) عن عبد خير، أنّ الامام علياً عليه السلام رأى من الناس طيرة، أي تشاؤماً، عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله، فاقسم أن لا يضع عن ظهره رداءه حتى يجمع القرآن، فجلس في بيته ثلاثة أيام حتى جمع القرآن، فهو أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه.

*******


واذا كان أمر أولى ايها الاخوة، فقد عمل به الامام علي عليه السلام في خصوص كتاب الله، وفي خصوص سنة رسول الله صلى الله عليه وآله. واذا كان أحد أولى بالمدح والخطاب في كتاب الله، فهو رسول الله، ووصيه أمير المؤمنين عليه السلام، وذلك تصدقه آيات عديدة واضحة مجمع عليها، منها قوله تعالى في سورة آل عمران: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (الآية: ۲۰۰)، جاء في تفسير الحبريّ أن الآية هذه نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام، وحمزة بن عبد المطلب. فيما روى الحاكم الحسكاني في (شواهد التنزيل) في ظل الآية الشريفة هذه، باسناده عن ابن عباس، في قوله: اصبروا، يعني في أنفسكم، وصابروا، يعني مع عدوّكم، ورابطوا، في سبيل الله، واتقوا الله لعلكم تفلحون، قال: نزلت في رسول الله وعلي وحمزة رضي الله تعالى عنهم.
وقد روى السيد هاشم البحرانيّ في (غاية المرام) في تفسير هذه الآية من طريق العامة حديثاً واحداً، ومن الخاصة اثني عشر حديثاً بهذا المضمون. وفي سورة آل عمران أيضاً، جاء قوله تعالى: "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ" (الآية ۱۰۳)، أخرج الثعلبي في تفسير هذه الآية عن جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: نحن حبل الله الذي قال الله تعالى فيه: "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ"أورد ذلك ابن الصبان في (إسعاف الراغبين)، والحضرمي في (رشفة الصادي) والقندوزي الحنفي في (ينابيع المودة)، والشبلنجيّ الشافعيّ في (نور الابصار) وآخرون كثر، فيما روى الحاكم الحسكانيّ، وهو حنفي المذهب، عن الحسين بن خالد، قال: عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه عن عليّ عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب ان يركب سفينة النجاة، ويستمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل الله المتين، فيوال علياً وليأتم بالهداة من ولده.
وفي خبر مطول عن الصحابي جابر بن عبدالله الانصاري، أن بعض اهل اليمن وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان لهم معه حديث وقد سألوه: يا رسول الله، ومن وصيك؟ فقال: وهو الذي أمركم بالاعتصام به فقال عزوجل "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ" فقالوا يا رسول، بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال صلى الله عليه وآله: هو قول الله: "إلا بحبل من الله وحبل من الناس" فالحبل من الله كتابه، والحبل من الناس وصييّ.

*******


وأخيراً ايها الاخوة الاعزة نقرأ في كتاب (اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية) للسيد هاشم البحراني، في ظل الاسم الحادي والثمانين، أنّ علياً عليه السلام هو حبل الله في قوله تعالى: "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً"ثم روى السيد البحراني عدداً من الروايات في ظل ذلك، منها ما رود في خطبة لرسول الله صلى الله عليه وآله أورده الشريف الرضي في كتابه (خصائص أمير المؤمنين عليه السلام) وفيها: يا معاشر المهاجرين والانصار، ألا وإني قد خلفت فيكم كتاب الله، فيه النور والهدى والبيان لما فرض الله تبارك وتعالى من شيء حجة الله وحجتي وحجة ولييّ، وخلفت فيكم العلم الاكبر علم الدين، ونور الهدى وضياءه، وهو علي بن ابي طالب، وهو حبل الله، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا. وفي (مناقب آل أبي طالب) روى ابن شهر آشوب عن العنبريّ، بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله أن اعرابياً سأله عن قوله تعالى: "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً"، فأخذ النبي صلى الله عليه وآله بيد عليّ عليه السلام وقال: يا أعرابيّ، هذا حبل الله فاعتصم به، فدار الاعرابي من خلف عليّ واحتضنه، وقال: اللهم اني اشهدك أنيّ قد اعتصمت بحبلك. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سره أن ينظر الى رجل من اهل الجنة، فلينظر الى هذا، وأشار الى الرجل المعتصم بالامام علي عليه السلام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة