البث المباشر

الشهيد ايمن ابن ام ايمن

الثلاثاء 12 فبراير 2019 - 14:28 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 257

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الذين صدقوا بتضحياتهم وثباتهم هو الشهيد ايمن ابن ام ايمن من مفاخر الصادقين وامه سبق ان تحدثت عنها في حلقة مضت ولدها ايمن كان شاباً محباً لرسول الله لاينفك عنه وكان ايمن قد اشترك مع النبي في عدة‌ مواجهات وخرج منها مرفوع الرأس ابيض الرأس الى ان استشهد يوم حنين دفاعاً عن النبي لانه كان من ضمن التسعة الذين احاطوا برسول الله ليشكلوا حوله درعاً بشرياً، وموقف ايمن يعيدنا الى اجواء حنين وما تحقق فيها من اشارات القرآن الكريم الى عدم الاعتداد بالعدد وان العدة هي الاساس، كثيراً ما نقع في هذا الخطأ ونغتر بالكثرة او نجعل منها مقياس للتفوق، هناك من يرى الاكثرية او الكثرة كدليل على الاحقية، لا هذا واضح ترى القرآن يقول: «واكثرهم للحق كارهون» ثم كما حصل بعد وفاة الرسول(ص) حسب ما وعدنا به القرآن:«أفإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم» وفعلاً لم يثبت على جادة الحق وتقبل الصواب وعدم الانخراط بموجة الانتكاسة الا قليلون، والاكثرية انحرفت كما اشار القرآن، انقلبت على ذلك الواقع، امرؤ القيس يقول من ضمن قصيدة مطولة:

تعيرنا انا قليل عديدنا فقلت

لها ان الكرام قليل

وما ضرنا انا قليل وجارنا

عزيز وجار الاكثرين ذليل

سبحان الله احد المصاديق الجلية لهذا هو يوم حنين، بعض المقاتلين مع الرسول اغتر حينما رأى يوم حنين عدد المسلمين وكانوا اثني عشر الف فأخذه الغرور فقال مغتراً لن نغلب اليوم من قلة، القرآن الكريم رفض هذا التصور الخاطئ، عزوجل قال في كتابه:«ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين» وغريباً ان التاريخ يقول لم تدم العمليات اكثر من ساعة واحدة واذا تحول هذا العدد الى فلول انهزمت بشكل مثير وعلماً بأن ثقيف وهوازن كان عددهم قليل لكن لا نغفل ان احدى الامراض الفتاكة التي تدمر الانسان هو الاعجاب بالنفس او قناعة الانسان بكمال نفسه لهذا المؤرخون يقولون لما انتهت المعارك سأل بعضهم بعض المسلمين سألوا النبي عن الغنائم، ابتسم النبي وقال اي غنائم غنمتكم انا وهو نجاتي من الموت الذي كان شبه محتم، هنا لا نغفل عن دور التسعة او العشرة الذين خاطروا وغامروا بحياتهم وفي مقدمتهم مولى الموالي امير المؤمنين(ع) غامروا بحياتهم لصيانة‌ حياة الرسول(ص) والبقية انهزموا والعباس عم النبي ونفر من بني هاشم وايمن رضوان الله تعالى عليه وفي هذا يقول مالك الغافقي: 

لم يواس النبي غير بني هاشم

عند السيوف يوم حنين

ثم قاموا مع النبي على الموت

فأتوا زيناً لنا غير شين

وسوى ايمن الامين في القوم

شهيداً فأعتاض قرة عين

كان امير المؤمنين يقاتل المغيرين الذين اغاروا على النبي وكان النبي يدعو في ذلك اليوم «اللهم ان تهلك هذه العصابة لم تعبد وان شئت لا تعبد لا تعبد» وفعلاً استطاع الامام امير المؤمنين ومع العباس وهؤلاء النفر ثمانية او تسعة او عشرة طردوا هوازن وفرت مدبرة على اعقابها، وكان العباس عم النبي يصرخ ينادي بصوت عال، يعتب على الذين تفرقوا وهربوا ينادي يا اهل بيعة الشجرة الى اين تفرون، اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول الله(ص). 
كان هذا الموقف له تأثيره بالنسبة الى الضغط النفسي الذي عانى منه رسول الله(ص)، الامام الصادق(ع) يقول ما مرّ على النبي يوم اشد عليه من يوم حنين وذلك ان العرب تباغت عليه وتعلمون جيداً ان البغي يعني الخذلان خصوصاً بعد العهد لان نقض العهد نوع من انواع البغي، لما القرآن يقول: «انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق» خذلان النبي وعدم مراعاة العهد الذي عاهدوا عليها رسول الله(ص) فالامام الصادق(ع) يقول ان ذلك اليوم كان يوماً شديداً على رسول الله وذكرت ان هؤلاء التسعة عرضوا بحياتهم من اجل حياة الرسول حتى ان المؤرخين ذكروا بأن مقاتلاً من هوازن هجم على النبي وجهاً لوجه وكان يدعى ابو جرول كان يرتجز:

اني ابو جرول لا براح حتى

نبيح لاقوم او نباح

اني في الهيجاء ذو نصاح

فصمد له امير المؤمنين(ع) وجهاً لوجه حتى ضربه وصرعه وخذل القوم بمصرعه وانهزموا وكان لهزيمة هذا او مصرعه الاثر الكبير في فرار هؤلاء ونجاة النبي، السير كلها لما تمر بحياة الرسول يقولون ان المواقف التي نجا فيها رسول الله من موت محتم معدودة وفي صدرها موقفه يوم حنين فلا ننسى دور هؤلاء العشرة او التسعة ومن ضمنهم هو الذي اتحدث عنه ايمن ابن ام ايمن، الرجل كان يقف امام الرسول(ص) من اجل حماية الرسول فواجه مقاتلاً‌ من هوازن قصد النبي بضربة‌ غادرة فأتقاها ايمن بحيث استشهد على اثرها وفيه يقول العباس عم النبي(ص):

نصرنا رسول الله في الحرب تسعة

وقد فر من قد فر عنه فأعشق

وقولي ما اذا الفضل شد بسيفه

على ‌القوم احرى يا بني ليرجع

وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه

لما ناله في الله لم يتوجع

ويقصد به ايمن، قالت الروايات ان رسول الله واراه الثرى وكان متأثراً جهزه وكان الالم يعتصر قلب النبي وذلك لما لايمن من موقع خاص عنده ولوفاءه وبالخصوص ان امه كان النبي يسميها يا اماه، نسأل الله سبحانه وتعالى له ولكل الشهداء موقعاً مرضياً يوم القيامة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة