البث المباشر

الامام السجاد زين العابدين(ع) وقصته مع الحسن البصري

الإثنين 4 فبراير 2019 - 10:26 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 30

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا الانبياء و المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
روي ان الامام زين العابدين علي بن الحسين(ع) مر بالحسن البصري وهو من التابعين وكان يعظ الناس في منى، فوقف عليه الامام ثم قال له: امسك اسألك عن الحال التي انت عليها مقيم اترضاها لنفسك فيما بينك وبين الله للموت اذا نزل بك غداً؟ قال الحسن البصري مجيباً الامام زين العابدين: لا اي انا لا ارضى لنفسي هذا الحال التي انا عليها، لا ارضى ان يأتيني الموت غداً وانا على هذه الحال. فقال له الامام: افتحدث نفسك بالتحول والانتقال عن الحال التي لا ترضاها لنفسك الى الحال التي ترضاها؟ هل تحب ان تنتقل من هذه الحال من هذا الوضع الى وضع آخر الى وضع ترضاه الى حال ترضاه في سلوكك؟ فاطرق الحسن البصري ملياً ثم قال: اني اقول ذلك بلا حقيقة نعم اني اريد ان اكون على غير هذه الحال اريد ان اتحول الى حالة ترضيني وارضى منها، واني اقول ذلك بلا حقيقة. فقال له الامام: افترجو نبياً بعد النبي(ص) يكون لك معه سابقة، يعني هل تنتظر شريعة اخرى؟ هل تنتظر نبياً آخر طيب مادام امامك الان شريعة الله ولك هادي ومرشد مثل رسول الله(ص) فلماذا لا تغيير حالتك؟ قال الحسن البصري: لا انا لا ارجو نبياً بعد محمد يكون لي معه سابقة. فقال له الامام: اترجو داراً غير التي انت فيها ترد اليها وتعمل فيها يعني انت تتوقع ان يكون هناك عالماً ثانياً وتعاد في تلك الدنيا وتعاد الى تلك الحياة لتعمل وتقوم باعمال تخالف عليه الان وتكون لك حالة راضية ومرضية؟ قال لا، فقال له الامام: افرأيت احداً فيه مسكة عقل شئ من العقل رضي بنفسه من نفسه بهذا انك على حال لا ترضى ولا تحدث نفسك بالانقال حال ترضاها على حقيقة ولا ترجو نبياً بعد محمد(ص) ولا داراً غير الدار التي انت فيها فترد اليها فتعمل فيها وانت مع ذلك تعظ الناس، يعني انت لو كنت عاقلاً وكانت عندك هذه القوة العقلانية لما قبلت ان تبقى على هذه الحالة،لانه لا يوجد هناك من عنده عقل ذرة من عقل، يرضى لنفسه ان يبقى على الحالة التي لا يرضاها وفي نفس الوقت لا يهتم ان يغير هذه الحالة الى حالة احسن حقيقة وهو يعلم انه لا توجد شريعة بعد شريعة رسول الله ولا داراً اخرى ولا عالماً آخر يعود اليها ليصحح اعماله ويتخذ سلوكاً جديداً، كيف انت لا تعمل على تغيير حالتك هذه وانت تعلم هذه الحقائق وانت تعظ الناس وترشد الناس؟ هل انت تصلح للوعظ والارشاد وانت لا تسعى الى تغيير حالك التي انت عليها؟ يقول الراوي: فلما ذهب الامام(ع) وترك الحسن البصري، قال الحسن البصري: من هذا؟ قالوا هذا علي بن الحسين. فقال الحسن البصري: اهل بيت علم، ثم يقول الراوي: فما رأي الحسن البصري انه يعظ الناس. 
هذه القصة التي قرأتها بنصها للاخوة المستمعين والاخوات المستمعات واحاول شرحها وتفسيرها تعطينا دروساً عظيمة، الحسن البصري كان من التابعين وكانت عنده نزعة صوفية وكان مع الاسف على غير النهج الصحيح من حيث العقيدة ومن حيث الاخلاق ومن حيث فروع الدين فهو كان معتداً فافكاره سالكاً غير مسلك اهل البيت(ع) الذين امر رسول الله(ص) باقتفاء اثارهم وكانت له افكار خاصة وبما انه كان عالماً، احياناً يقف في بعض المناسبات ويعظ.الامام راه ذات مرة يعظ الناس فقال له هذه الحالة التي انت عليها هل انت راضي عنها؟ هل انت مستعد ان يأتيك الموت غداً وانت على هذه الحال؟ فاجاب الحسن البصري: لا انا لست راضياً من هذه الحالة التي انا عليها. فقال له الامام: هل تحب ان تترك هذه الحالة وتتخذ حالة جديدة ترضيك حتى اذا جاءك الموت انت تستقبل الموت بضمير ليس فيه قلق ليس فيه خوف ووجل انك على نهج الصحيح؟ قال: نعم انا اقول بلساني هذا ولكن بمقام العمل لست عاملاً بما افكر، يعني بلساني اقول انا احب ان اتحول من هذه الحالة واغير هذه السيرة الى السيرة التي يرضى منها الباري سبحانه وتعالى ولكن في مقام العمل لا اقدم رجلاً في هذا السبيل ولا اعمل هنا. طرح عليه الامام سؤالاً مهم جداً، وهذا السؤال ينطرح على كل انسان حالته ليس حاله يرضى بها الباري سبحانه وتعالى ولا يفكر بتغييرها، قال له الامام: افترجو بعد رسول الله محمد(ص) نبياً آخر شريعة اخرى؟ هل هناك نبي آخر وهناك شريعة اخرى تنتظرها حتى تصلح نفسك في ضوءها وتغيير سلوكك وتكون من الصالحين من الطيبين في ظلال تلك الشريعة؟ وهل هناك شريعة اخرى تنتظرها او ان هذه الشريعة هي آخر شريعة وان رسول الله(ص) هو آخر الانبياء؟ قال: لا انا لا ارجو نبياً آخر، قال له الامام: اذن هل ترجو حياة ثانية عالم ثاني، دنيا آخر الله يعيدك فيها في هذه الدنيا الاخرى تجرب حظك مرة ثانية تصلح اعمالك تغيير سلوكك قبل الآخرة؟ قال: لا طبعاً انما هي هذه الحياة فقط اذا انا اموت اذا انا انتهي تاتيني الآخرة بعد ذلك، اخذ الامام زين العابدين(ع) هذا الاعتراف اولاً، الاعتراف بان الحالة التي هو عليها ليست مرضيه له، وثانياً بان الحالة المرضية هذه يحب ان يغيرها لا يحب ان يبقى عليها لكن يحب من دون عمل من دون ان يسعى الى تغييرها، وبعد ان اخذ منه الاعتراف بانه لا توجد شريعة اخرى وهو لا ينتظر شريعة اخرى انما هي هذه الشريعة التي جعلها الله سبحانه وتعالى امام البشرية ليصنعوا ويصوغوا في ضوءها وبعد ان ان اخذ منه اعترافاً رابعاً بانه لا يوجد هناك عالم ودنيا ثانية يعاد فيها الانسان ثانية ليصلح نفسه، وانما هي هذه الدنيا اذا انقضت ومات الامسان يواجه بعدها عالم الآخرة بعد ان اخذ منه هذا الاعتراف، قال له الامام: اذن انت كيف تعظ الناس وتدعي العقل والفهم وانت على حال غير مرضية؟ ثم انك لا تحدث نفسك ان تترك هذه الحالة الى حالة جيدة حقيقة ومع انك لا ترجو شريعة اخرى ولا تنتظر دنيا ثانية تعاد اليها لتصلح نفسك، اذن كيف تعظ الناس؟ اذن كيف انت تدعي لنفسك الفهم والعقل بحيث تؤهل نفسك وترى ان نفسك مؤهلة لموعظة الناس؟ 
ونحن من هذا الحديث، وهذا الحوار نستبط هذا الدرس العظيم اننا اذا كنا على حالة غير مرضية الله لا يرضانا عنها ونحن لا نسعى الى تغييرها واقعاً وعملياً ولا ننتظر شريعة ثانية تجئ ولا حياة ثانية حتى نجرب حظنا فيها ونصلح انفسنا فيها كيف نعتبر انفسنا اصحاب فكر وفهم وعقل مع هذه الامور اذن على الانسان العاقل ان يغيير سلوكه فوراً ان يتدارك ما فات من حياته باطلاً، ونرى في ختام هذه القصة فان الحسن البصري لما حاوره الامام بهذا الحوار العميق، والقى عليه هذه الحقائق اعترف بان اهل البيت اهل بيت علم وفهم ومعرفة. 
اجل هؤلاء هم الصادقون الذين امرنا الله سبحانه وتعالى ان نكون معهم اذ قال: "يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين". والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة