اللهمّ انّك خلقتني سويّاً، وربيّتني صبيّا، وجعلتني غنيّاً مكفيّاً، اللهمّ انّي وجدت فيما انزلته من كتابك، وبشّرت به عبادك، ان قلت: «يا عباديَ الّذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله انّ الله يغفر الذّنوب جميعاً انّه هو الغفور الرّحيم / وانيبوا الى ربّكم واسلموا له من قبل ان يأتيكم العذاب ثمّ لا تنصرون» (۱) .
وقد كان منّي اللهمّ ما علمتَ، وما انت اعلمُ به منّي، فوا سوْأتاهُ ممّا احصاه كتابك، فلولا المواقف التي ارجو فيها عفوك الذي شمل كلّ شيء، لالْقيت بيدي، ولوْ انّ احداً استطاع الهرب من ذنبه (۲) ، لكنت انا احقّ بالهرب منه حيث لا يقدر، ولكن كيف لي بذلك، وانت لايعزب (۳) عنك مثقال ذرّة الاّ اتيت بها، وكفى بك جازياً، وكفى بك حسيباً (٤).
اللهمّ انّك طالبي ان هربت، ومدركي ان فررت، فها انا بين يديك عبد ذليل، خاضع راغم، ان تعذبني فانّي لذلك اهل، وهو ياربّ منك عدل، وان تغفر فانك تغفر قبيحاً، فلتسعني رحمتك وعفوك، والبسني عافيتك.
واسألك بالحسنى من اسمائك، وبما وارت (٥) الحُجُبُ من بهائك، او ترحم هذه النّفس الجزوعة (٦) ، وهذا البدن الهلوع، الّذي لايستطيع حرّ شمسك، فكيف يستطيع حرّ نارك، والذي لايستطيع صَوْت رعْدك، فكيف يستطيع صوْت غضبِك.
فارحمني اللهمّ انّي امرُؤٌ حقيرٌ، وخطري (۷) يسير، ان تعذبني، فلم يزد عذابي في ملكك مثقال ذرّة، ولو كان ذلك لسألتك الصّبر على ذلك، واحببت ان يكون الملك لك، ولكنّ سلطانك اعظم، وملكك اَدْومُ من ان يزيد فيه طاعة المطيعين، او تنقص منه معصية المذنبين، فاغفر لي يا ارحم الرّاحمين، وصلّ على محمد واهل بيته، واجْزِ عنّا افضل ما جزيت المرسلين يا ربّ العالمين.

(۱) الزمر: ٥۳- ٥٤.
(۲) في الصحيفة السجّاديّة: ربّه.
(۳) لايعزب: لايغيب.
(٤) حسيباً: كافياً.
(٥) وارت: سترت.
(٦) الجزوعة: الكثيرة الجزع.
(۷) خطري: قدري ومنزلتي.

المصدر: الصحيفة الكاظمية