غالبًا ما تكون هذه المخاوف نتيجة تطوير القدرات الدفاعية والهجومية لقوات المقاومة أو تسريع خطوات جمهورية إيران الإسلامية العملية للتخلي عن النهج القديم للعلاقات مع الغرب بشأن القضية النووية. ويمكن فهم جو الرعب السائد الآن في المجتمع الصهيوني من التقارير الإعلامية التي انتشرت خلال الايام الماضية في العديد من وسائل الاعلام الصهيونية وحول هذا السياق، قال الجنرال "عيران نيف"، قائد لواء القتال والتحديث في الجيش الإسرائيلي، يوم الخميس الماضي لصحيفة "هيوم" الإسرائيلية، إنه "إذا تم رفع سقف كمية أو نوعية صواريخ حزب الله الموجهة بدقة، فهذا يعني أنه يجب اتخاذ إجراءات مضادة؛ وذلك لأن هذه الصواريخ هي ثاني أكبر تهديد لأمن إسرائيل بعد تهديد برنامج إيران النووي".
وأدى سؤاله عن العدد الدقيق لصواريخ "حزب الله" اللبناني التي تشكل الخط الأحمر للكيان الصهيوني، قال: "عدد هذه الصواريخ ما بين 500 إلى 1000، بينما لم تعد إيران ترسل صواريخ إلى حزب الله، بل إنها أصبحت ترسل معدات لتحسين دقة هذه الصواريخ". كما كشف ضابط الاحتياط بالجيش الإسرائيلي الجنرال "إسحاق بريك" في مقابلة تلفزيونية قبل ثلاثة أيام، أن 200000 صاروخ تحاصر "إسرائيل" من جميع الجهات، ومن بينها مئات الصواريخ الدقيقة، وثلاثة صواريخ دقيقة فقط كافية لإغراق "إسرائيل" في الظلام الدامس لعدة سنوات. وقال إن "الصواريخ موجودة في جنوب لبنان وغزة وشمال اليمن وغرب العراق وإيران وسوريا".
من جانبه، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية "تمير هايمن"، مؤخراً، إنه "توجد بحوزة حزب الله اللبناني الآن المئات من المقذوفات والصواريخ الدقيقة". ولفت إلى أنه يسود قلق في "إسرائيل" من جهود "حزب الله" اللبناني بالتزود بكميات أكبر من الأسلحة الدقيقة، من أجل استهداف أهداف نوعية في الحرب القادمة، مثل قواعد سلاح الجو، ومنشآت بنية تحتية وطاقة ومؤسسات الحكم.
وعلى سياق متصل، كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم"، أن الجيش الصهيوني استثمر جهودا كبيرة في السنوات الأخيرة من أجل منع تزود "حزب الله" بصواريخ ومقذوفات دقيقة، وزعمت هذه الصحيفة الصهيونية أن قسما كبيراً من الهجمات المنسوبة لسلاح الجو في سوريا وُجه من أجل إحباط أو تشويش تهريب أسلحة دقيقة إلى لبنان. وتابعت الصحيفة أنه "في إطار جهودهما للتغلب على الهجمات الإسرائيلية، انتقلت إيران و"حزب الله" من محاولات لتهريب صواريخ ومقذوفات إلى لبنان إلى تهريب أجهزة تحسين الدقة، التي تشمل حاسوبا صغيرا وجهاز GPS وأجنحة صغيرة لتوجيه الصاروخ، وبعمل بسيط نسبيا بالإمكان تحويل مقذوفات بشكل أكثر دقة.
وزعمت هذه الصحيفة أن "إسرائيل" لم تشن أبداً حرباً مانعة ضد تسلح دولة ومنظمات معادية، باستثناء التسلح بسلاح نووي. وأضافت إن "مسؤولين رفيعي المستوى يعتقدون أن على إسرائيل أن تبلور لنفسها خطوطا حمراء واضحة بكل ما يتعلق بمشروع دقة الصواريخ في حزب الله، لأن الحديث يدور عن تهديد تقليدي قد يصل إلى أحجام غير مسبوقة. وذكر المسؤولون كميات 500 – 1000 صاروخ دقيق كسقف أعلى يُلزم إسرائيل بالعمل. ونقلت الصحيفة عن رئيس رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، "عاموس يدلين"، قوله إنه "يجب دراسة وتعريف التوقيت الصحيح لعملية ضد مشروع الدقة، من خلال الإدراك أنه قد يقود إلى تصعيد واسع النطاق، وإن وجود مئات الصواريخ الدقيقة بأيدي المحور الإيراني، وخاصة بأيدي حزب الله، هو تهديد استراتيجي لإسرائيل لا يمكن السماح بتطوره".
واعتبر "يدلين" أنه "إذا سارع حزب الله في تعظيم قوته، فإن ذلك سيتطلب من "إسرائيل" دراسة توجيه ضربة مانعة من أجل منع هذه القدرة عنه". وأضافت الصحيفة إن "جهات أخرى تعتقد أنه يحظر على إسرائيل المبادرة بخطوة كهذه، تقود بشكل مؤكد إلى حرب"، لكن يتعين عليها أن تدرس "استغلال فرصة" تصعيد موضعي عند الحدود الشمالية من أجل استهداف هذه القدرة لدى حزب الله أيضا.
وطبعا نحن لا نتحدث هنا عن صواريخ "الظافر" و"قاهر" التي تم تصنيعها في ستينيات القرن الماضي والتي كانت وظيفتها رفع الروح المعنوية فقط للمقاتلين، ولكننا نتحدث عن الصواريخ التي استهدفت فلسطين المحتلة والصواريخ التي دمرت منشآت أرامكو شركات النفط السعودية في "بقيق" وجدة ووصلت إلى أعماق الرياض لدرجة أن منظومة "باتريوت" الأمريكية لم تكن قادرة على مواجهتها. في الواقع أن الصهاينة مثل العرب الذين يهددون فقط بالانتقام وبالهجمات الوقائية ويبدو أن هذه المواقف المضحكة من أعداء المقاومة قد انتقل إلى الجنرالات الأمريكيين، حيث قالوا إنهم سيردون على الهجمات الصاروخية المجهولة على سفارتهم في بغداد، وكذلك الهجمات الصاروخية على القواعد العسكرية الأمريكية ومخازن الأسلحة في مطار أربيل الدولي، لكن في الزمان والمكان المناسبين!
وعلى نفس هذا المنوال، كشفت العديد من التقارير أن لدى "حزب الله" اللبناني الآن أكثر من 1000 صاروخ موجه بدقة، ولم يعد هذا لغزاً وقد أكد الأمين العام لـ"حزب الله"، السيد "حسن نصر الله"، مرارًا وتكرارًا على هذه النقطة وحذر المسؤولين في النظام الإسرائيلي المحتل من أن المقاومة تمتلك آلاف الصواريخ الدقيقة التوجيه والتي يمكن أن تصل إلى أي مكان في فلسطين المحتلة من "إيلات" أقصى مناطق جنوب إسرائيل إلى "الناقورة" في اقصى الشمال، بما في ذلك "حيفا وتل أبيب".
وعلى صعيد متصل، خاطب السيد "نصر الله"، الصهاينة في خطابه الأخير بمناسبة يوم الشهيد، قائلاً بشكل حاسم، "إننا لا نبحث عن صراع أو حرب، ولكن إذا استهدفتم مدننا فإننا نستهدف مدنكم، وإذا استهدفتم قرانا، سوف نهاجم مدنكم". كما شدد الأمين العام لـ"حزب الله" في لبنان على أنه بعد كل التهديدات الأخيرة التي صرّح بها قادة الكيان الصهيوني، لا يمكن لأحد أن يضمن أن هذا الوضع لن ينتهي بالحرب، وأن إسرائيل سترى أشياء لم ترها منذ تشكيلها واحتلالها للأراضي الفلسطينية".