محافظة كيلان بمركزية مدينة رشت، تبلغ مساحتها 14711 كم مربع وتقع بين سلسلتي جبال ” ألبرز ” و” تالش ” شمالي البلاد، والقاصي والداني يعرف روعة هذه المحافظة لكونها خضراء عذبة الهواء في جميع أكنافها، فهي آية من آيات الله عزّ وجلّ في الأرض.
مدينة ” فومن ” هي إحدى المدن الجميلة التابعة لمحافظة جيلان والمعروف عنها أنها زاخرة بالتماثيل المتنوعة الرائعة المنتشرة في كافة ضواحيها ناهيك عن مبانيها التراثية العريقة الفريدة من نوعها.
من يزور هذه المدينة الخضراء ينتابه شعور عجيب بأجوائها العريقة التي تنم عن أعراف سكنتها وتراثهم الثقافي الثري بعيداً عن صخب المعامل وضجيج السيارات، فأجواؤها خلافاً للكثير من المدين نقية من التلوث الذي يؤرق البشرية في كل مكان.
هذه المدينة الجميلة تعد قطباً سياحياً في محافظة كيلان نظراً لروعة طبيعتها ونقاوة هوائها، إذ تستقطب الكثير من السائحين الذين يفدون إليها من داخل البلد وخارجه، وهي تبعد عن مدينة رشت – مركز المحافظة – مسافة 25 كم وتقع في جانبها الغربي وتضم في أكنافها العديد من المناطق الجذابة والتأريخية مثل ماسولة وقلعة رودخان، وتتكون من منطقتين جغرافيتين حسب التقسيمات الإدارية وهما منطقة ” سردار جنكل ” والمنطقة المركزية، وتحاذيها ستة أرياف هي آليان وسردار جنكل ورودبيش وكشت وكوراب ولومان.
الأنهار الزاخرة بالمياه تمخر أراضيها لتضفي عليها جمالاً فريداً من نوعه حيث تنبع من الجبال الجنوبية وتمر في عمق الغابات الخضراء لتروي الأراضي الزراعية ولا سيما مزارع الأرز ومن ثم تصب في مستنقع أنزلي، وأهمها أنهارها عبارة عن: تنيان وسياه رود وبلنك ور وماسولة ورود خان وبسيخان وسونك، ومياهها جارية طوال العام بحيث تستقطب السائحين في جميع فصول السنة.
هناك العديد من الأماكن المقدسة في مدينة وهي تستقبل الزائرين طوال أيام السنة، ففيها الكثير من أضرحة أحفاد الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ومن أبرزها: ضريح سبزه قبا، السيّد ميرزا، السيد پبر جلو دار، السيد آغا مير سرا، السيد عون بن علي.
المعالم السياحية والترفيهية في مدينة فومن كثيرة منها أماكن لا نظير لها في إيران ناهيك عن جمال سفوح جبالها وروعة شلالاتها وأنهارها الجارية بالمياه العذبة، وكذلك قلعتها التأريخية الشهيرة وقلعة رود خان، ومدينة ماسولة، وما هذه الأماكن إلا صورة لصفحة من صفحات سمو هذه المدينة الجميلة.
مدينة ماسولة التأريخية
مدينة ماسولة ذات التراث العريق هي واحدة من أبرز المدن التابعة لمدينة فومن، حيث تقع على سفح عظيم ومنحدر في مقابل قلعة كبيرة مشيدة من الحجر الصلد وهي قلعة “شاه معلم “، والناظر يبهر لروعة الفن المعماري المتبع في تشييد أبنيتها والتي تبدو من بعيد وكأنها سلم عظيم متدرجة بشكل هندسي منتظم بحيث يكون سقف أحد البيوت باحة للجيران، وهذا الفن المعماري قد شاع في بعض مناطق إيران إبان العهد الساساني.
الطقس في مدينة ماسولة معتدل صيفاً والنسيم العليل يهب فيها من جميع جوانبها مما جعلها مقصداً للسائحين الذين يبحثون عن مناطق معتدلة الأجواء في فصل الحرارة، وما يزيد من روعتها أن الضباب في معظم أيام السنة يغطي أجواءها ليضفي عليها طلاوة خاصة.
وأما نهر ” ماسولة رود خان ” فهو زاخر بالمياه الصافية العذبة التي لا تنقطع عن التدفق طوال أيام العام لذلك فهو يضفي على المدينة جمالاً وروعة لكونه يمخر معظم نواحيها وأكنافها.
مدينة ماسولة التأريخية فيها متحفان كبيران أحدهما للتراث الشعبي والآخر للحياة الطبيعية، وهذان المتحفان بطبيعة الحال يحفزان سواحاً أكثر على شد الرحال نحوها، كما فيها سوق شعبي تراثي مكون من أربعة طوابق وهو مليء بالبضائع المحلية التي لا يجد السائح نظيراً لها في مكان آخر.
قلعة رودخان
المباني الأثرية في مدينة فومن كثيرة وأبرزها قلعة رود خان الشهيرة على صعيد إيران بأسرها والتي تستقر على مكان باسم ” ستيغ كوهي ” وقد تم تشييدها إبان العهد الساساني وكانت طوال قرون من الزمن مركزاً سياسياً لحكام وولاة جيلان حيث تقع في وسط غابة جميلة على مسافة 16 كم جنوب شرقي مدينة فومن.
مساحة هذه القلعة تبلغ 22300 متر مربع ومحيطها 1260 م وطولها 500 م تقريباً في حين أن عرضها ليس على حد سواء في جميع نقاطها وفيها 42 برجاً، وقد استخدمت ملايين قطع الطابوق والأحجار في تشييدها، وبما أنها تستقر على قمتي جبلين فهي تقسم إلى ثلاثة أجزاء شرقي وغربي ومتوسط، والجانب الشرقي منها قائم على قمة يبلغ ارتفاعها 670 م وتفصله بوابة كبيرة عن سائر أجزاء القلعة.
يمكن للسائحين تفقد هذه القلعة الأثرية طوال أيام السنة، والطريف فيها أنها تظهر بحلة جديدة في كل فصل من فصول السنة.
قرية فوشه
هناك العديد من القرى الجميلة في مدينة فومن أروعها قرية اسمها ” فوشه ” حيث فيها الكثير من المناظر الطبيعية الخلابة وتبلغ مساحتها 82 كيلومتراً مربعاً وتقع جنوب غربي المدينة إلى جانب قلعة رود خان، وتحاذيها غابات بكر هي الغاية في الروعة والجمال ويمخرها نهر عذب المياه وسهل واسع أخضر يطلق عليه عدة أسماء هي ” كله ماسون ” و ” دريالات ” و ” ريحانة ” و ” شهر گاه ” وفيها بقعة مقدسة للشيخ جمال تقع في قلب الغابات المحيطة بها مما أضفى عليها طلاوة وجمالاً أكثر.
ومن جملة معالمها الجذابة الأخرى ” اسكاسون ” و ” أنار دشته ” و ” ليسندي ” وكهف ” خون فوشه ” الذي يتكون من عدة ممرات ضيقة ويمتاز عن سائر الكهوف بمناظره الرائعة.
ولا ريب في أن التقاليد والأعراف الفريدة لأهالي هذه القرية ومدينة فومن بشكل عام تستهوي السائحين نحوها وتلك الأسواق الرافلة بالبضائع المحلية الجميلة لا نظير لها في شتى أرجاء البلاد، وهذه الأمور إضافة إلى أمور أخرى أدت إلى استقطاب أعداد هائلة من السائحين سنوياً سواء من الجمهورية الإسلامية أو من خارجها.
* فطائر مدينة ” فومن ”
مدينة ” فومن ” معروفة بأطعمتها المحلية اللذيذة ولا سيما الفطائر التي توارث الأهالي طهيها على مر العصور، وأهم مكوناتها عبارة عن الدقيق والبيض والسكر والسمن الحيواني والدارسين والفانيلا والجوز والهيل، ونظراً للذتها وحلاوة طعمها فهي تستهوي كل من يزور المدينة لذلك أصبحت تمثل الهدايا الخاصة لكل من يزورها، هذا إضافة إلى العديد من الهدايا الأخرى كالخبز السكري والمحلى بالزيت والمجفف وحلوى السمسم وبعض الحلويات المحلية التي تجود بها أيادي الأمهات هناك.
أشهر شخصيات مدينة فومن
أنجبت مدينة ” فومن ” فطاحل وأفذاذ على مر العصور كان آخرهم آية الله العظمى الشيخ بهجت، وهي تعد مهداً للعلم والتقوى.
ومن جملة مشاهيرها البارزين كيومرث صابري فومني وشيون فومني.
* الأعراق التي ينحدر منها أهالي المدينة
أهالي مدينة ” فومن ” ينحدرون من الناطقين باللهجة الفارسية الكيلكية وقبائل ” تالش ” وهي محاطة بسهول خضراء شاسعة ومزارع رافلة بمختلف أشجار الفاكهة وحقول الأرز والشاي والتبغ، كما أن بعض المزارعين فيها يربون “دودة القز” لإنتاج الحرير، وتمتزج فيها ثلاث قوميات هي الجيلكية والتالشية والتركية كما أن طبيعتها فريدة من نوعها لكونها تتألف من غابات ومراتع خضراء وجبال خضراء باسقة الأمر الذي جعل ثقافتها المحلية تمتاز عن ثقافات سائر المدن في الجمهورية الإسلامية.
مدينة ” فومن ” كالنجمة اللامعة التي تتألق في قلب محافظة كيلان وهي مستعدة طوال أيام العالم لاستقبال السائحين من جميع أرجاء البلاد ومن سائر البلدان، وكل من يزورها يلاحظ عظمة الله تعالى وقدرته فهي آية من آياته الكبرى.