إسمه الشريف علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
كُنيته عليه السلام
أبو الحسن، أبو علي.
ألقابه عليه السلام
الرضا، الصابر، الرضي، الوفي، الفاضل، وغيرها.
المولود الميمــون
يذكر الرواة أن أم الإمام موسى بن جعفرعليه السلام حميدة المصفاة كانت من أشراف العجم، فاشترت جارية قد ولدت في البلاد العربية وتربت فيها، فلما اختبرتها ووجدتها من افضل الناس في دينها وعقلها، اختارتها لولدها الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، وقالت له: يا بني إن تكتم (وهذا أحد أسماءها) جارية ما رأيت جارية قط أفضل منها، ولست أشك أن الله تعالى سيطهر نسلها إن كان لها نسل، وقد وهبتها لك فاستوصي بها خيراً. وذكروا من فضلها: أنها لمّا وَلدت للإمام علي الرضا كان الرضا يرتضع كثيراً وكان تام الخلق، فقالت: أعينوني بمرضعة فقيل لها: أنقص الدر؟ فقالت: لا أكذب، والله ما نقص، ولكن علي ورد عن صلاتي وتسبيحي وقد نقص منذ ولَدت. وقد ذكر المؤرخون أسماء عديدة لوالدة الإمام.
أما الجارية فكانت تسمى عند كل مولاة باسم جديد. فكانت تسمى نجمة، وأروى، وسكن وسمان، وتكتم وطاهرة. إلاّ أن أشهر الأسماء هي تكتم، وبعد ولادتها سميت طاهرة، وأم البنين. وفي سنة مائة وثمان وأربعين من الهجرة في اليوم الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام ولد الإمام عليه السلام، وعمَّ بيت الرسالة سرور وبهجة. تقول أمه (تكتم الطاهرة) لمّا حملت بابني علي لم أشعر بثقل الحمل، وكنت أسمع في منامي تسبيحاً وتهليلاً وتمجيداً في بطني فيفزعني ذلك ويهولني، فإذا انتبهت لم أسمع شيئاً، فلما وضعته وقع على الأرض واضعاً يده على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء يحرك شفتيه كأنه يتكلم، فدخل إلي أبوه موسى بن جعفر عليه السلام ،فقال لي: هنيئاً لك يا نجمة كرامة ربك، فناولته إياه في خرقة بيضاء فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى ودعا بماء الفرات فحنكه به ثم ردّه إلي وقال: خذيه فإنه بقية الله تعالى في أرضه.
وكـــــان الإمام موسى بن جعفر عليه السلام قد منحه لقب " الرضا " منذ نعومة أظفاره، كما أنه أعطاه كنية أبـو الحسن فكان كثير الحب له، هكذا يروي المفضل بن عمر يقول: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام وعلي ابنه في حجره وهو يقبله ويمص لسانه، ويضعه على عاتقه ويضمه إليه ويقول: بأبي أنت ما أطيب ريحك وأطهر خلقك، وأبين فضلك؟ قلت: جعلت فداك لقد وقع في قلبي لهذا الغلام من المودة ما لم يقع لأحد إلاّ لك، فقال لي: " يا مفضل هو مني بمنزلتي من أبي عليه السلام ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ".
قال: قلت هو صاحب هذا الأمر من بعدك؟ قال: " نعم من أطاعه رشد ومن عصاه كفر ". وهكذا ترعرع الوليد في ظل والده يزكيه بآداب الإمامة ويعلّمه أسرارها ويطلعه على ودائع النبوة. وكان الإمام موسى بن جعفر يقول - حسبما جاء في حديث: - " علي ابني أكبر ولدي وأسمعهم لقولي وأطوعهم لأمري، ينظر معي في كتاب الجفر والجامعة، وليس ينظر فيه إلاّ نبي أو وصي نبي ". وخلال سني حياته مع والده تولى إدارة بعض شؤون الطائفة نيابة عن والده، ولعل الحديث التالي يدل على ذلك. يقول زياد بن مروان القندي: دخلت على أبي إبراهيم (الإمام موسى بن جعفر عليه السلام) وعنده علي ابنه، فقال لي: " يا زياد هذا كتابه كتابي، وكلامه كلامي، ورسوله رسولي، وما قال فالقول قوله ".
وقد أكثر الإمام موسى بن جعفر عليه السلام من بيان فضائل ابنه الرضا عليه السلام وأنه خليفته والإمام من بعده مما يثير السؤال عن حكمة ذلك، ولعل من الأسباب التي تهدينا إلى تلك الحكمة: أن الظروف السياسية كانت قياسية جداً. حيث التقيّة في أشدها، وأهل البيت مطاردون، وهارون الرشيد كان يلاحق أصحاب وانصار أهل البيت من بلد إلى بلد، ويقتلهم زرافاتٍ ووحداناً.
والإمام موسى بن جعفر عليه السلام يتنقل بأمره من سجن لآخر، فكانت إمكانية تفرق كلمة الشيعة بعد وفاته تجعل من الحكمة التأكيد على ولاية الإمام الرضا عليه السلام. والأصحاب بدورهم كانوا يتوجسون خيفة من اختفاء الإمام فجأة دون معرفة الإمام من بعده، يظهر ذلك كله من بعض الأحاديث التالية: روي عن يزيد بن سليط الزيدي قال: لقيت موسى بن جعفر فقلت: أخبرني عن الإمام بعدك بمثل ما أخبر به أبوك قال: " كان أبي في زمن ليس مثل هذا ". قال يزيد فقلت من يرضى منك بهذا فعليه لعنة الله، قال فضحك ثم قال: " أخبرك يا أبا عمارة إني خرجت من منزلي فأوصيت في الظاهر إلى بنّي وأشركتهم مع علي ابني وأفردته بوصيَّتي في الباطن ". ويروي علي بن عبد الله الهاشمي: قال: كنا عند القبر ( أي قبر رسول الله صلى الله عليه وآله) إذ أقبل أبو إبراهيم موسى بن جعفر ويد علي ابنه في يده فقال: " أتدرون من أنا "؟
قلنا: أنت سيدنا وكبيرنا، قال: " سموني وانسبوني ".
فقلنا أنت موسى بن جعفر، فقال: " من هذا معي "؟
قلنا: هو علي بن موسى بن جعفر، قال:" فاشهدوا أنه وكيلي في حياتي ووصيي بعد موتي".
وقد اتخذ الإمام موسى بن جعفر عليه السلام كافة وسائل الاحتياط لبيان إمامة الإمام الرضا. فمثلاً: كتب كتاباً بذلك وأشهد عليه ستين رجلاً من وجوه أهل المدينة.
وكان يرجع الأمور إليه في حياته كما فعل عندما أشخص به إلى البصرة، حيث دفع إلى عبد الله بن وحوم كتباً وأمره بإيصالها إلى نجله الرضا في المدينة.
وكتب في البصرة ألواحاً وبعثها إلى شيعته هناك وقد كتب فيها: عهدي إلى أكبر ولدي.
وكان يأخذ بعض الحقوق التي تجبى إليه ويبقي بعضها ليعطيه إلى وصيه الذي يطالبه به ليكون علامة ظاهرة كما فعل بداود بن زربي.وذلك شبيه بعكس الظروف السياسية الصعبة التي كان يعيشها الإمام في حياة والده والتي احتاط الإمام موسى بن جعفر عليه السلام فيها لتبقى الإمامة بعيدة عن الشكوك.
ويظهر ذلك بوضوح من وصية لنجله بأن يسكت مادام الرشيد حياً فإذا هلك نطق بالحق.
ومن جهة أخرى في مثل هذه الظروف الصعبة التي كان الشيعة يعيشونها على عهد طاغية بغداد هارون الرشيد، كان من الممكن أن تنتشر الخرافات التي لها سوق رائجة عند اشتداد الأزمات. ولعل بعض التيارات السياسية كانت وراء نشر مثل تلك الخرافات لأهداف معينة.
فدرءاً لمثلها قام الإمام الكاظم عليه السلام ببيان امامة ابنه الرضا بذلك الوضوح. وبالرغم من أن فكرة غياب الإمام الكاظم انتشرت ردحاً من الزمان وغذتها أيد خائنة واخرى جاهلة، فقالوا بأن الإمام لم يمت وانه مهدي هذه الأمة، ووقفوا عند الإمام السابع فسمّوا (الواقفية). إلاّ أنها لم تلبث أن زالت، ويبدو أن أحد أهم أسباب ذلك، تأكيد الإمام عليه السلام في تعريف الشيعة بأن وصيَّه الإمام الرضا عليه السلام.