البث المباشر

زيارة قبر الحسين عليه السلام

الجمعة 21 أغسطس 2020 - 12:46 بتوقيت طهران
زيارة قبر الحسين عليه السلام

يدأب اغلب محبي اهل البيت على زيارة المراقد المقدسة للعترة النبوية لاسيما مراقد المعصومين عليهم السلام ، إلا ان زيارة مرقد الامام الحسين عليه السلام لها خصوصية تختلف عن بقية المراقد الشريفة.

تأتي زيارة كربلاء وشَدِّ الرِّحال إليها من بلاد نائية تكرارا وتأكيدا لما يهدف إليه يوم عاشوراء ، ونجد تفسير ذلك مكتوباً في القطع المعلقة على قبر الحسين يتلوها الزائر ساعة دخوله الحضرة المقدسة ، وخروجه منها ، وقد جاء فيها :

( إِنِّي سِلمٌ لِمَن سَالَمَكُم ، وَحَربٌ لِمَن حَارَبَكُم ، مُحَقِّقٌ لِمَا حَقَّقْتُم ، مُبطِلٌ لِمَا أَبْطَلتُم ، فَأَسأَلُ اللهَ أَن يَجعَلَنِي مِن خِيَار مُوَالِيكُم ، العامِلِينَ بِمَا دَعَوتُم إِليهِ ، أَهتَدِي بِهَدْيِكُم ، وَأَن يَجعَلَ مَحْيَايَ مَحْيَا مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَمَمَاتِي مَمَاتَ مُحَمِّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ).

فيتلو الزائر هذه الكلمات وأمثالها بقلب خاشع ونفس مطمئنة في بقعة ارتفع فيها صوت الحق ضد الباطل ، وخفقت رايات الهدى ضد الضلال ، وشَعَّ فيها نور العدالة ليمحو ظلام الجور ، وأُرِيقت دماء زكية لتطهر الأرض من رجس الاستعباد .

لم تعرف الكرة الأرضية مناصراً للحقِّ في عهد يزيد غير هذه البقعة الصغيرة المُسَمَّاة بـ "أرض كربلاء" ، فيقصدها الزائر لِيُشهِدَ الله والناس على نفسه أنه لا يتبع إلا الحق ، ولا يناصر إلا أهله ، وأنه عليه يحيا ويموت ، يحيا حياة محمد وآل محمد ، ويموت ممات محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله ، فليس معنى زيارة كربلاء تأليه الأحجار والأخشاب ، وعبادة الأرض والتراب.

زارَ أحد شعراء المسلمين قبر الحسين عليه السلام وبيَّن الغاية من زيارته ، والهدف من رحلته ، فقال : إني زرتُ قبرَ الحسين عليه السلام وشَمَمْتُ ثراه ، كي يَتَسَرَّب إلى نفسي نسيم الإباء والكرامة ، ويهب على قلبي ريح الحق والعدالة ، وعفرت خدي بالتراب حيث يضع ، وقطع خد الحسين عليه السلام ، ولم يخضع لظالم ، ولثمت أرضاً وطأها الحسين عليه السلام ، لأن خيل الطغاة جالت على صدره وقلبه وظهره وصلبه عليه السلام ، ولم يُهَادِن ولم يمالئ من سلب الشعب حريته ، والأمة حقوقها.

شَمَمتُ ثَرَاكَ فَهَبَّ النَّسـيمُ ** نَسِيم الكَرامَةِ مِن بَلقَعِ

وَعَفَّرتُ خَدِّي بِحَيثُ استَرَاحَ ** خَدٌّ تَفَرَّى وَلَم يَخضَعِ

ولا يبتغي الزائر الشاعر بعد هذا الدليل دليلاً على قداسة غايته ونبل مقصده ، وأي دليل أصدق وأبلغ وأوضح على عظمة بقعة دفن فيها من نثرت السيوف لحمه دون رأيه وضميره ، ورفع رأسه على الرمح دون إيمانه وعقيدته ، وأطعم الموت خير البنين والأصحاب من الكهول إلى الشباب إلى الرضع دون مبدئه ودعوته.

وَمَاذا أَأَروَعُ مِن أَن يَكُـونَ ** لَحمُكَ وَقفاً عَلَى المَبضَعِ

وأن تَتَّقِـي دُون مَا تَرتَـأِي ** ضَمِيرُكَ بالأَسَلِ الشُّرَّعِ

وَأنْ تُطعِمَ المَوتَ خَيرَ البَنِينَ ** مِنَ الأَكهَلِينَ إِلَى الرُّضَّعِ

إن يوم عاشوراء ، وزيارة كربلاء ، هما رمز الحرية والمساواة بين الأسود والأبيض ، والعربي والأعجمي ، والملك وشعبه ، وأنه لا فضل إِلا لمن جاهد وكابد في سبيل هذه المساواة ، فلا ظالم ومظلوم ، ولا جائع ومتخوم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة