فقد اصدرت محكمة واشنطن امر استدعاء قضائياً بحق محمد بن سلمان استنادا الى الدعوى القضائية التي رفعها ضده مستشاره الامني السابق (سعد الجبري) الذي اكد بان ولي العهد السعودي ارسل فريقا الى كندا بهدف قتله وقبل ذلك انتزاع ملفات بالغة الاهمية منه يملكها الجبري ويمكن بها ادانة بن سلمان في المحاكم الدولية.
من الواضح ان قرار محكمة واشنطن باستقدام بن سلمان والفريق المتهم معه يحمل دلالات اكيدة على ان الولايات المتحدة ليست ذلك الحليف الذي يعتمد عليه كما يظن بعض حكام المنطقة وخاصة آل سعود الذين يكادون يفلسون نتيجة تقديمهم الرشاوي والهدايا الضخمة لصناع القرار الاميركيين حتى يغطوا على جرائمهم واغتيالاتهم وحربهم الظالمة على اليمن وشعبه منذ ستة اعوام.
من المؤكد ان الاستدعاء القضائي الاميركي لولي العهد السعودي هو حلقة اضافية من حلقات الابتزاز السياسي التي تمارسه واشنطن ضد الرياض في اطار تفعيل صفقة القرن وتكريس الاعتراف بتهويد فلسطين وبقية الاراضي المحتلة في الجولان واغوار الاردن وجنوب لبنان، وتطويع الحاكم الفعلي في مملكة آل سعود للعقيدة الصهيونية الساعية الى تحقيق حلم اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات.
في المقابل يكشف هذا الاستدعاء ايضا حجم النفاق والديماغوجية الاميركية في التعامل مع اقرب حلفاء واشنطن في غرب آسيا، كما يبرز الى العلن ضحالة التفكير السياسي في الولايات المتحدة الذي بات ينحدر نحو الحضيض نتيجة لسيطرة تجار الحروب على قرارات البيت الابيض والخارجية والبنتاغون.
إن هذه الوقائع اذا ما ربطت بهستيريا الغزو والتواجد الاميركيين في المنطقة، تعزز القناعة لدى المراقبين الدوليين وشعوب العالم اجمع بان اهداف الاستراتيجية الاميركية حاليا في الشرق الاوسط، لا تتقيد بالصداقات والتحالفات، فكل هذه الاطر قابلة للتدمير والإلغاء مادامت تصطدم عكسيا مع المصالح التوسعية والاستغلالية والسيناريوهات العدوانية التي يتم صياغتها حسب الحاجات والمتغيرات في كواليس السياسة الاميركية.
واقع الامر ان ولي العهد السعودي المتعطش للدماء يعيش حالة من الاضطراب والقلق شديدة جدا، الامر الذي يعرفه جيدا صناع القرار الاميركيون وبخاصة الفريق السياسي الجمهوري بزعامة الاهوج دونالد ترامب، وهو ما يدفعهم قدما الى ابتزازه بشكل مضاعف وتحريضه على اتخاذ المواقف والقرارات الهزيلة والمتهورة اكثر فاكثر وصولا الى وضعه في الزاوية الحرجة إمّا للحصول على المكاسب المالية والتنازلات السياسية منه او فضحه امام العالم، ولا زال ملف قتل الاعلامي جمال خاشقجي يتفاعل بشكل مضطرد واضعاً بن سلمان بين فكي الكماشة.
لقد بات واضحا ان النظام السعودي يعيش اسوأ عهوده قاطبة فيما يتعرض شعب الحجاز ونجد والاحساء بما فيهم العلماء والمفكرون واصحاب العقول النيرة الى كثير من القمع والكبت والاحكام الصورية، الامر الذي ينبئ ان بلاد الحرمين الشريفين تغلي كالمرجل وهي مقبلة حتما على متغيرات خطيرة اقلها ان تعصف بابن سلمان بعدما دفع البلاد والعباد الى شفير الهاوية.
بقلم الكاتب والاعلامي
حميد حلمي البغدادي