فقال عليه السلام: يَا أَخَا بَنِي أَسَدٍ، إِنَّكَ لَقَلِقُ اَلْوَضِينِ، تُرْسِلُ فِي غَيْرِ سَدَدٍ، ولَكَ بَعْدُ ذِمَامَةُ اَلصِّهْرِ، وحَقُّ اَلْمَسْأَلَةِ، وقَدِ اِسْتَعْلَمْتَ فَاعْلَمْ، أَمَّا اَلاِسْتِبْدَادُ عَلَيْنَا بِهَذَا اَلْمَقَامِ، ونَحْنُ اَلْأَعْلَوْنَ نَسَباً، واَلْأَشَدُّونَ بِالرَّسُولِ الله صلى الله عليه واله نَوْطاً، فَإِنَّهَا كَانَتْ أَثَرَةً، شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ، وسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ، واَلْحَكَمُ اَللَّهُ، واَلْمَعْوَدُ إِلَيْهِ اَلْقِيَامَةُ،
ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ، وَلكِنْ حدِيثاً ما حدِيثُ الرّواحِلِ، وهَلُمَّ اَلْخَطْبَ فِي اِبْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَقَدْ أَضْحَكَنِي اَلدَّهْرُ بَعْدَ إِبْكَائِهِ، ولاَ غَرْوَ واَللَّهِ، فَيَا لَهُ خَطْباً يَسْتَفْرِغُ اَلْعَجَبَ، ويُكْثِرُ اَلْأَوَدَ، حَاوَلَ اَلْقَوْمُ إِطْفَاءَ نُورِ اَللَّهِ مِنْ مِصْبَاحِهِ، وسَدَّ فَوَّارِهِ مِنْ يَنْبُوعِهِ، وجَدَحُوا بَيْنِي وبَيْنَهُمْ شِرْباً وَبِيئاً، فَإِنْ تَرْتَفِعْ عَنَّا وعَنْهُمْ مِحَنُ اَلْبَلْوَى، أَحْمِلْهُمْ مِنَ اَلْحَقِّ عَلَى مَحْضِهِ، وإِنْ تَكُنِ اَلْأُخْرَى، فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ.
ومن كلماته القصار سلام الله عليه في نهج البلاغته:
قوله: يَا اِبْنَ آدَمَ، لاَ تَحْمِلْ هَمَّ يَوْمِكَ اَلَّذِي لَمْ يَأْتِكَ عَلَى يَوْمِكَ اَلَّذِي قَدْ أَتَاكَ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ مِنْ عُمُرِكَ، يَأْتِ اَللَّهُ فِيهِ بِرِزْقِكَ.
وَقَالَ عليه السلام وَقَدْ مَرَّ بِقَتْلَى اَلْخَوَارِجِ يَوْمَ اَلنَّهْرَوَانِ: بُؤْساً لَكُمْ، لَقَدْ ضَرَّكُمْ مَنْ غَرَّكُمْ، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ غَرَّهُمْ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: اَلشَّيْطَانُ اَلْمُضِلُّ، وَاَلْأَنْفُسُ اَلْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ، غَرَّتْهُمْ بِالْأَمَانِيِّ، وَفَسَحَتْ لَهُمْ بِالْمَعَاصِي، وَوَعَدَتْهُمُ اَلْإِظْهَارَ، فَاقْتَحَمَتْ بِهِمُ اَلنَّارَ.
وَقَالَ عليه السلام لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: إِنَّ حُزْنَنَا عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ سُرُورِهِمْ بِهِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ نَقَصُوا بَغِيضاً، ونَقَصْنَا حَبِيباً.
مَعَاشِرَ اَلنَّاسِ:
اتَّقُواْ اللَّهَ، فَكَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ مَا لاَ يَبْلُغُهُ، وبَانٍ مَا لاَ يَسْكُنُهُ، وجَامِعٍ مَا سَوْفَ يَتْرُكُهُ، ولَعَلَّهُ مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ، ومِنْ حَقٍّ مَنَعَهُ، أَصَابَهُ حَرَاماً، واِحْتَمَلَ بِهِ آثَاماً، فَبَاءَ بِوِزْرِهِ، وقَدِمَ عَلَى رَبِّهِ آسِفاً لاَهِفاً، قَدْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ، ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ.