تملصت السعودية يومها ايضاً عن الانصياع لمطالب الدول ومن ضمنها ايران كاكبر متضرر في تلك الحادثة، من مراجعة ذلك الكم الكبير من الكاميرات المزروعة في المكان وتقديم الادلة على عدم تقصيرها في ذلك الحادث الاليم، ولم يكن مواساتها لذوي الضحايا بالمستوى المطلوب وحسب، بل وضعت كل اللوم على الحجاج ايضاً.
اذاً من الطبيعي اليوم ايضاً ان يمتنع النظام السعودي من الانصياع للمطالب التركية بالسماح لمراجعة الكاميرات التي تملأ السفارة، تحت حجج لايقبل بها حتى اكثر الناس سذاجة، وليس هذا وحسب بل قامت بتهديد كل من لوح باتخاذ خطوات ضدها ايضا. رغم ان ماتعرض له الخاشقجي كان مروعاً الى درجة لم يتمكن حتى السمسار ترامب من التزام الصمت.
وكل هذا الاستهتار بحياة الناس، مبني على قاعدتين، الاولى ان هذا النظام هو من اكثر الانظمة الخليجية الذي يقدم الجزية للغرب وعلى رأسها امريكا صاغراً حتى وصف بالبقرة الحلوب والثاني العجرفة الجوفاء التي تعودناها من هذا النظام والذي ينطبق عليه مصرع البيت الذي انشدته غزالة الشيبانية حين قالت "أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامة".
لكن النقلة النوعية اليوم هي ان النظام السعودي قد قفز من الجزية الى الرشوة، لان قتل وتقطيع خاشقجي امر لايمكن الافلات منه الا بشراء الذمم والدليل تغير لهجة ترامب الى جانب صمت اردوغان بعد اتصال الملك سلمان بهما، عسى ان يجد ترامب سيناريو هاليوودي يخفف من وقع ما حدث ويجعل من محمد بن سلمان ليس شريكاً بل بطلاً صنع الحرية والديمقراطية ويتمكن اردوغان من لجم نتائج التحقيقات بشكل يخفف من الصدمة التي يواجهها العاهل السعودي وولي عده.
الموقف الغربي لاينصب في دفاعه عن حرية الرأي، فلو كان كذلك لما قطع رأس الشيخ النمر جوراً ولما حكم على الداعية السعودية سلمان العودة بالاعدام والاخرون غيرهم كثيرون، انما الموقف الغربي مرهون بالضغط المتزايد من قبل الشارع واعلامه الداخلي، فحرية الاعلام في الغرب تختلف عن حرية الاعلام على الطريقة السعودية ولو كانا متشابهان لقرئنا اليوم ولو سطراً واحداً يندد بهذا العمل الاجرامي في جريدة عكاظ مثلا.
خلاصة القول تعرف الافعال بشدة ردود الافعال وهذا العمل الشنيع الذي لايمكن اخفائه هو الذي جعل من سلمان ليتصل بعدوه اللدود اردوغان ويعده بانعاش الليرة التركية مقابل تخفيف حدة التصريحات من قبل المسؤلين والاعلام التركي.
لكن كل هذا لن ينقذ الموقف السعودي لانهم لو ارادوا القول ان محمد بن سلمان لم يصدرالامر بالقتل فهذا يعني ان الذين قاموا بهذا الامر سيقتلون وهذا سيضطرهم الى اخذ اللجوء حفاظاً على حياتهم والفضيحة ستكون بجلاجل كما يقول المصريون وان قالوا ان محمد بن سلمان هو الذي امر بقتل خاشقجي فعليه ان يتنحى على اقل تقدير.
من هنا نقول : لا الجزية ولا الرشوة ستنفعان العاهل السعودي وولي عهده الوديع ومن حفر حفرة لاخيه وقع فيه.
رائد دباب//الباحث في الشؤون السياسية // اذاعة طهران العربية
المصدر : اذاعة طهران العربية