بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته سيدنا محمد بن عبد الله وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم حضرات المستمعين الأكارم وأهلا بكم في حلقة أخرى وجديدة من برنامج نهج الحياة حيث نبدأ تفسير سورة الأنبياء المباركة ولنسمع الآن إلى تلاوة الآية الأولى منها:
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ ﴿١﴾
سورة الأنبياء وكما هو واضح من إسمها، تتحدث عن الرسل والأنبياء (عليهم السلام)، وجاء في آيات هذه السورة ذكر 16 نبياً من أنبياء الله (عليهم السلام) مع ذكر نبذ من حياتهم الشريفة.
وحيث أن من أهداف الرسل الربانيين الإنذار نلاحظ أن الآية الأولى تحدثت عن إنذار الناس وأن أعمالهم يحاسبون عليها ولا يترك الأمر سدى.
وفي سياق الآية ما يؤشر على أن البعض من الناس في دنياهم منشغلين وعن آخرتهم غافلين.
والعجب كل العجب أن من الناس من ينظر إلى الدنيا من زاوية ضيقة ويتعامل معها ومع الآخرة تعاملاً إقتصادياً، فيقول أن العاقل لا يترك ما في يده من أجل شيء في غير متناول يده.
وما يفيده إيانا هذا النص أمران هما:
- إن حساب يوم القيامة ليس ببعيد وإنه حاصل لا ريب فيه.
- شئنا أم أبينا فإن محكمة العدل الإلهي قائمة وفيها تجزى كل نفس ما كسبت وما ربك بظلام للعبيد.
ويقول تعالى شأنه في الآيتين الثانية والثالثة من سورة الأنبياء (ع):
مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴿٢﴾
لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ۖ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴿٣﴾
في هذا النص الكريم إشارة إلى عدم اهتمام الكفار بآيات الله التي يتخذونها هزواً وكان مشركو مكة قد اتهموا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بالسحر وقالوا إنه ساحر يسحر الناس بكلامه.
وما يفيده هذا النص من دروس نوجزها في النقاط التالية:
- إن القرآن الكريم هو تذكرة للعالمين، نعم إنه يتذكر الإنسان كي لا يغرق في بحر الغفلة.
- إن بساطة حياة الأنبياء (ع) جعلت الناس يتصورونهم كسائر الناس، بينما الأنبياء هم الصفوة المختارة من الخلق التي يوحى إليها من لدن العزيز العليم.
- إن الكفار الذين يخفون الحقيقة إنما يظلمون أنفسهم والآخرين.
والآن نصغي إلى تلاوة الآيتين الرابعة والخامسة من سورة الأنبياء:
قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٤﴾
بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ﴿٥﴾
في هذه النص إشعار للكافرين، أن الله ليس بغافل عما يفعلون ولهذا فإن القرآن هنا حذرهم من التآمر على الإسلام، لكن الكفار لا يتعظون ويواصلون دعاياتهم المسمومة ضد الدين وقد اتهم كفار مكة الرسول (صلى الله عليه وآله) بأنه شاعر ينظم من خياله ما ينسبه إلى وحي الله، كبرت كلمة خرجت من أفواههم ولعنهم الله بما قالوا ويقولون.
ولقد طلب كفار مكة من الرسول المعجزة على أن القرآن الكريم هو معجزة النبي الخاتم لأنه من عند الله.
وما نستفيده من هذا النص هو:
- إن من الأساليب التي يتبعها أعداء الدين الهجمات الإعلامية المسمومة ضد العقائد الدينية والقادة الربانيين.
- إن التناقض يبدو واضحاً في مثل هذه الدعايات، على سبيل المثال إدعى كفار مكة أن النبي شاعر بينما القرآن لا يشبه الشعر أبداً.
ويقول تعالى في الآية السادسة من سورة الأنبياء:
مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا ۖ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾
تشير هذه الآية إلى إحدى السنن الإلهية وهي هلاك أقوام جاءهم الأنبياء بالمعجزات من عند الله ومع هذا لم يؤمنوا.
إن مشركي مكة كانوا من الذين لم يؤمنوا بالمعاجز الإلهية، حيث أنهم لم يقبلوا القرآن وهو معجزة إلهية.
ويفيدنا هذا النص ما يلي:
- إن العناد هو أسلوب كل المشركين والكافرين على مدى التاريخ، إن روح التكبر حالت دون قبول هؤلاء الحق وإن كانوا به عالمين.
- إن الكفار كاذبون وإنهم وعدوا فبوعدهم لا يفون.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا أنهينا حلقة أخرى من نهج الحياة، نشكر لكم حسن المتابعة والإصغاء والسلام عليكم.