البث المباشر

النبي الأمي ـ صلى الله عليه وآله وسلم.

الخميس 15 نوفمبر 2018 - 19:00 بتوقيت طهران
النبي الأمي ـ صلى الله عليه وآله وسلم.

من الأمور الواضحة في حياة الرسول الاكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ انه لم يتعلم ولم يتتلمذ على يد احد، ولم يطلع على مقال أو كتاب. ولم يدع له ذلك أيّ مؤرخ سواء كان مسلما أو غير مسلم لا في دور طفولته أو شبابه ولا في دور الكهولة والشيخوخة وهو دور الرسالة.

كما أنه لم يذكر احد أو يعرض سندا يوضّح أنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قد قرأ سطرا واحدا أو كتب كلمة واحدة قبل عصر البعثة.

 لقد كان العرب آنذاك وبالأخص عرب الحجاز أناسا اميين وكان الذين يستطيعون القراءة والكتابة يعدون بالأصابع ويشار اليهم بالبنان؛ فلا يمكن والأمر كذلك أن نتصور وجود شخص يتقن القراءة والكتابة في هذه البيئة ولا يعرف عنه ذلك.

ونحن نعلم ان معارضي الرسول الاكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ اتهموه آنذاك بالإستماع الى الآخرين ونقل تعاليمه منهم. ولكنهم لم يتهموه مطلقا بأنه كان يعرف القراءة و الكتابة؛ فهو مثلا يحتفظ بكتب لديه يستل منها المواضيع ويستفيد منها... وهو اتهام قريب تصوره لو كان النبي يلم أقل إلمام بالقراءة والكتابة.

 

اعترافات الآخرين

 

ولم يجد المستشرقون الذين ينظرون بعين النقد الدقيق للتاريخ الإسلامي اي اشارة الى وجود معرفة له ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بالقراءة والكتابة ولذا فقد اعترفوا بأنه كان أميا ترعرع في أمة امية. يقول كارليل في كتابه "الأبطال": يجب ان لا ننسى شيئا وهو ان محمدا لم يتلق اي تعليم لدى أي معلم فقد كانت صناعة الخط قد وجدت حديثا بين الشعب العربي. اعتقد ان الحقيقة هي ان محمدا لم يكن يعرف الخط والقراءة ولم يكن يعرف إلا حياة الصحراء.

ويقول ويل ديورانت في كتابه "قصة الحضارة":

"الظاهر انه لم يكن احد يفكر في تعليمه (أي تعليم الرسول الاكرم) القراءة والكتابة. فلم تكن صناعة الكتابة والقراءة ذات أهمية في نظر العرب ولهذا لم يكن يتجاوز الذين يعرفون القراءة والكتابة السبعة عشر شخصا. ولسنا نعلم ان محمدا قد كتب شيئا بنفسه. لقد كان له كاتب خاص بعد النبوة ومع ذلك فقد جرى على لسانه أعرف الكتب العربية واشهرها وقد عرف دقائق الامور أفضل بكثير من المتعلمين".

ويقول جان ديوث يورث في كتابه (الإعتذار الى محمد والقرآن): "وحول التعليم والتربية ـ كما هو متداول في العالم ـ يعتقد الجميع ان محمدا لم يتعلم ولم يعرف سوى ما كان متداولا في قبيلته".

ويقول كونستان ورجيل غيورغيو في كتابه (محمد! النبي الذي تجب معرفته من جديد):"مع أنه كان أميا فإنا نجد الحديث عن القلم والعلم اي الكتابة والتكتيب، والتعلم والتعليم في أوائل الآيات النازلة عليه، ولم يكن في أي من الأديان الكبرى اهتمام شامل بالمعرفة ولا يمكن ان نجد دينا يحتل العلم والمعرفة فيه محلا بارزا كما كان الامر في الإسلام. ولو كان محمد عالما لما كان في نزول هذه الآيات عليه في غار حراء مجال تعجب لان العالم يعرف قدر العلم، ولكنه كان اميا ولم يدرس على أي معلم. وأنا بدوري أهنيء المسلمين على احتلال طلب المعرفة هذا المقام السامي في مبدئهم."

ويقول غوستاف لوبون في كتابه (الحضارة العربية الإسلامية): المعروف ان النبي كان أميا وهو يطابق القياس والقاعدة إذ لو كان من أهل العلم لكان ارتباط مطالب القرآن و مواضيعه أفضل مما هو عليه الآن بالإضافة أنه مطابق للقياس أيضا من جهة انه لو لم يكن أميا لما استطاع أن يأتي بمذهب جديد وينشره، ذلك ان الانسان الأمي هو أعلم وأكثر معرفة باحتياجات الجهال، وهو يستطيع بشكل أفضل أن يسير بهم الى الصراط السويّ. وعلى اي حال وسواء كان أميا أم لم يكن فليس هناك اي ريب في كونه يمتلك أرقى عقل وفراسة وذكاء".

ورغم ان غوستاف لوبون لم يكن يستوعب المفاهيم القرآنية من جهة ورغم أفكاره المادية من جهة اخرى مما لم يجعله يدرك الترابط بين الآيات القرآنية ودفعه لأن يطرح كلاما سخيفا حول عجز العالم عن معرفة احتياجات الجاهل وبالتالي يوجّه الإهانة للقرآن والنبي، رغم كل هذا فهو يعترف بعدم وجود أي سند أو علامة على وجود سابق معرفة لنبي الإسلام بالقراءة و الكتابة.

والواقع اننا لم نكن نهدف من خلال نقل عبائر هؤلاء الى الاستشهاد بحديثهم فإن المسلمين هم أولى بإظهار النظر في تاريخ الاسلام من غيرهم وإنما كنا نهدف الى التأكيد لكل اولئك الذين لا يمتلكون بأنفسهم مطالعات تاريخية على أنه لو كانت هناك أية علامة في هذا المجال فإنها لم تكن لتخفى على المؤرخين الباحثين والنقاد من غير المسلمين.

ولقد كان للرسول الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لقاء سريع مع راهب يُدعى (بحيرا) في احدى فترات استراحته في طريقه من مكة الى الشام بصحبة عمه أبي طالب. ولقد استأثر هذا اللقاء السريع باهتمام المستشرقين فراحوا يتساءلون: هل تعلم النبي شيئا خلال هذا اللقاء القصير؟ فإذا كانت هذه الحادثة الصغيرة قد جلبت أنظار المخالفين القدامى والجدد فإنه بالأحرى ان يجلب انتباههم وجود أي سند يدل على سابق معرفة للرسول الأكرم بالقراءة والكتابة وعدم خفاء ذلك عليهم. بل أن مثل هذا السند ـ لو وجد ـ سوف يقع حتما تحت مجاهرهم التي تكبره مرات عديدة. ولكي توضح هذا الامر ينبغي ان يتناول البحث مجالين:

الاول: مجال ما قبل البعثة

الثاني: مجال ما بعد البعثة

ويجب ان نركز في مجال ما بعد البعثة على القراءة والكتابة وسوف نجد ان المسلم والقطعي الذي يتفق عليه علماء المسلمين وغيرهم انه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لم تكن له أي معرفة بهما قبل البعثة ولكن الأمر ليس كذلك وبهذا المستوى من الوضوح بالنسبة لعصر الرسالة. فالذي يقرب من الواقع في هذا العصر انه لم يكن يكتب اما عدم قراءته فقد وقع فيه خلاف ويظهر من بعض الروايات الشيعية انه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان يقرأ في عصر البعثة دون أن يكتب وإن كانت الروايات الشيعية مختلفة وغير متطابقة على ذلك. ولكن الذي نستفيده من مجموع القرائن والدلائل هو انه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لم يكن يقرأ أو يكتب حتى في عصر البعثة.

ولمعرفة عصر ما قبل الرسالة يلزمنا البحث عن الوضع العام للقراءة والكتابة في الجزيرة العربية.

وما يستفاد من التواريخ أنه إبان ظهور الاسلام لم يكن هناك سوى أفراد معدودين يعرفون القراءة والكتابة.

يحدثنا البلاذري في آخر كتابه (فتوح البلدان) رواية يقول فيها: دخل الإسلام وفي قريش سبعة عشر رجلا كلهم يكتب: عمر بن الخطاب، وعلي بن ابي طالب، وعثمان بن عفان، وأبو عبيدة الجراح، وطلحة، ويزيد بن أبي سفيان، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وحاطب بن عمرو أخو سهيل بن عمرو العامري من قريش وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وابان بن سعيد بن العاص بن أمية، وخالد بن سعيد أخوه، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، وحويطب بن عبد العزي العامريّ، وأبو سفيان بن حرب بن أمية، ومعاوية بن ابي سفيان، وجهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف، ومن حلفاء قريش العلاء بن الحضرمي.

ثم يذكر البلاذري أسماء اولئك الذين كانوا يكتبون للنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ثم يؤكد انه لم يتجاوز الذين كانوا يعرفون القراءة والكتابة عند ظهور الاسلام الأحد عشر رجلا من الأوس والخزرج (وهما القبيلتان المعروفتان اللتان تسكنان المدينة) ثم يذكر اسماءهم بعد ذلك.

ومن كل ما سبق نعلم ان صناعة الخط كانت وردت الى البيئة الحجازية حديثا وان الوضع كان بحيث إذا عرف احد الكتابة اشير اليه بالبنان، وانه لم يتجاوز الذين يعرفونها سواء في مكة أو في المدينة عدد الأصابع آنذاك، ولذا نجد التاريخ قد سجل أسماءهم، ولو كان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ منهم لعرف بذلك حقا، واذا لم يذكر في عدادهم فهذا يكشف بوضوح عن أنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لم يكن يعرف قراءة أو كتابة.

 

في عهد الرسالة وخصوصا في المدينة

 

وبملاحظة مجموع القرائن ان الرسول الأكرم كان كذلك لا يعرف القراءة والكتابة حتى في عصر الرسالة وإن كان العلماء المسلمون سواء الشيعة أو السنة يختلفون في ذلك إذ قد استبعد البعض ان لا يكون الوحي قد علمه كل شيء.

وقد جاء في بعض الروايات الشيعة أنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان يقرأ في عصر الرسالة ولكنه لم يكن يكتب ومنها ما رواه الصدوق في علل الشرائع عن أبي عبد الله (عليه السلام): "قال: كان مما منَّ الله عز وجل على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أنه كان يقرأ ولا يكتب فلما توجه ابو سفيان الى أحد كتب العباس الى النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فجاءه الكتاب وهو في بعض حيطان المدينة فقرأه ولم يخبر أصحابه وأمرهم ان يدخلوا المدينة، فلما دخلوا المدينة أخبرهم".

و لكن سيرة زيني وحلان تنقل حادثة رسالة العباس بشكل يخالف رواية علل الشرائع فيقول:"وكتب العباس للنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ و أخبره بجمعهم و خروجهم.. فجاء كتابه للنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهو بقباء وكان العباس أرسل الكتاب مع رجل من بني غفار استأجره وشرط عليه أن يأتي المدينة في ثلاثة أيام بلياليها ففعل ذلك، فلما جاء الكتاب فك ختمه ودفعه لأبيّ بن كعب فقرأه عليه فاستكتم أبياً، ثم نزل ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ على سعد بن الربيع فأخبره بكتاب العباس فقال والله إني لأرجو أن يكون خيرا فاستكتمه إياه".

هذا في حين يعتقد البعض أنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان في عصر الرسالة يقرأ ويكتب فيقول السيد المرتضى ـ كما ينقله البحار عنه ـ قال: "الشعبي و جماعة من أهل العلم: ما مات رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ حتى كتب وقرأ" ولعله هو يؤيّد ذلك بعد ان استند الى حديث الدواة والكتف قائلا: "وقد شهر في الصحاح و التواريخ قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: إيتوني بدواة و كتف أكتب لكم كتّاباً لن تضلوا بعده أبدا".

ولكن الاستناد الى حديث الدواة والكتف ليس صحيحا فإنه ليس بصريح في ان رسول اللهـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أراد ان يكتب بيده. و لو فرضنا انه كان يريد ان يأمر بكتابة شيء مستشهدا الحاضرين عليه لكان تعبير"أكتب لكم كتابا..." صحيحا إذ هو من الإسناد المجازي ـ كما يصطلح عليه البيانيون ـ وهو من وجوه الفصاحة الشائعة في اللغة العربية وغيرها.

 

كُتّاب النبي

 

يستفاد من نصوص التواريخ القديمة الاسلاميه المعتبرة ان رسول اللهـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان يملك كتابا في المدينة. وكان هؤلاء يكتبون الوحي و حديث النبي، و العقود و المعاملات بين الناس، والعهود التي كان يعطيها الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ للمشركين وأهل الكتاب، ودفاتر الصدقات والضرائب ودفاتر الغنائم والأخماس، و الرسائل الكثيرة التي كانـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يرسلها الى الأطراف. وها هو التاريخ ينقل لنا علاوة على الوحي الإلهي والأحاديث الشفهيه له ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ الكثير من عهود النبي ورسائله.

فهذا محمد بن سعد في كتابه (الطبقات الكبيرة) ج2 ص 30-38 يذكر ما يقرب من مئة رسالة بمتونها. و بعض هذه الرسائل مرسل الى سلاطين العالم و حكامه و رؤساء القبائل و الأمراء الخاضعين للروم أو الفرس في خليج فارس و سائر الشخصيات و هي تدعوهم للإسلام او تمتلك صفة تعليم عام يمكن ان يشكل أصلا فقهيا وغير ذلك. والكثير من هذه الرسائل معلوم الكاتب، إذ يذكر كاتب رسالة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ اسمه في آخر الرسالة و يذكر ان اول من نشر هذه العادة (أي كتابة اسم الكاتب في آخر الرسالة) هو أبيّ كعب الصحابيّ المعروف.

هذا ولم يكتب النبي بخط يده أيا من هذه الرسائل و العهود و الدفاتر، فإننا لا نجد موضعا يقال فيه ان رسول اللهـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كتب الرسالة الفلانية بخط يده. بل لم ير موضع يكتب فيه رسول الله(صلي الله عليه و اله) آية قرآنية بخطه في حين ان كتاب الوحي كتب كل منهم قرآنا بخط يده.

فهل من الممكن ان يكون رسول اللهـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يعرف الكتابة ولكنه لا يكتب قرآنا أو سورة منه أو آية بخط يده.

وقد جاءت أسماء كتّاب الوحي في كتب التواريخ فيقول اليعقوبي في تاريخه: ـ "و كان كتابه الذين يكتبون الوحي و الكتب والعهود: علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعمرو بن العاص بن أمية، ومعاوية بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، والمغيرة بن شعبة، ومعاذ بن جبل، و زيد بن ثابت، وحنظلة بن الربيع، وأبي ابن كعب وجهيم بن الصلت والحصين النميري".

 

مفهوم كلمة أمي

 

للمفسرين المسلمين في كلمة(أمي) ثلاثة تفسيرات:

التفسير الاول: غير المتعلم وغير العارف بالخط والكتابة. وتؤيد الأكثرية هذا الرأي أو ترجحه على الأقل. ويقول المؤيدون إن الكلمة منسوبة إلى (الأم). فالأمي هو الذي بقي من حيث الإطلاع على الكتابات والمعلومات الإنسانية على الحال الذي ولدته امه فيه. أو هي منسوبة إلى (الأمة) فالأمي من كان على شاكلة أكثرية الناس وهي لا تعرف القراءة والكتابة في حين ان الذين يعرفونها قليلون. وهكذا يقال عن (العامي) الذي هو على شاكلة عامة الناس.

و قال البعض ان احد معاني الأمة هي الخلق فالأمي هو الذي بقي على الخلقة والحالة الأولى من عدم المعرفة. وعلى اي فسواء كانت مشتقة من (أم) أو (أمة) وأيا كان معنى(الأمة) فإنها تعني غير الكاتب و القارئ.

 

 

التفسير الثاني: من أهل ام القرى

ومؤيدو هذا التفسير ينسبون (امي) إلى (أم القرى) وهي مكة فقد جاء في سورة الأنعام الآية(92) قوله تعالى: (و لتنذر أم القرى و من حولها). و قد ذكرت الكتب القديمة هذا الإحتمال وأيدته بعض احاديث الشيعة وإن لم تكن معتبرة كما يقال ان للكلمة جذرا إسرائيليا.

و قد ورد هذا الإحتمال بأدلة:

الأول: ان كلمة (أم القرى) ليست علما خاصا بمكة وان شملت مكة باعتبارها مركزا لقرى حولها، إذ أن أم القرى يعني مركز القري، فكل نقطة تشكل محورا لنواحي مختلفة يقال لها أم القرى. ويفهم من استعمال آخر لها في القرآن الكريم انها مجرد عنوان وصفي لا علمي، كما جاء في قوله تعالى: "و ما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا".

الثاني: ان الكلمة أطلقت في القرآن على أناس لم يكونوا مكيين كما في سورة آل عمران الآية 20 إذ يقول تعالى: (و قل للذين أوتوا الكتاب و الأميين أ أسلمتم) ومنه يعلم ان الكلمة في عرف ذلك اليوم وعصر القرآن كانت تطلق على العرب غير التابعين لكتاب سماوي.

الثالث: ان القواعد الأدبية كانت تقتضي أن يقال قرويّ لا(أمي) لو كانت الكلمة مشتقة من(أم القرى) حسب قاعدة النسبة في علم الصرف و هي تقرر أنه عند النسبة للمضاف و المضاف اليه و خصوصا عندما يكون مضاف هو الأب أو الأم أو البنت، هذه النسبة تكون للمضاف اليه لا للمضاف فنقول في النسبة الى (أبي طالب) طالبي، و أبي حنيفة حنفي و بني تميم تميمي.

التفسير الثالث: المشركون العرب الذين لم يكونوا يتبعون كتابا سماويا، و قد وجدت هذه النظرية قديما لدى المفسرين إذ جاء في مجمع البيان في ذيل الآية(20) من(سورة آل عمران) التي تجعل الأميين في قبال أهل الكتاب و في قوله تعالى:"و قل للذين أوتوا الكتاب و الأميين". جاء فيه نسبة هذه الرأي الى أبي عبيدة في ذيل الآية(78) من سورة البقرة.

والواقع.. أن هذا المعنى لا يشكل معنى مستقلا ثالثا بمعنى انه لا يسمي كل أناس لا يتبعون كتابا سماويا بـ(الأميين) حتى ولو كانوا عارفين عالمين. وإنما اطلقت على المشركين العرب لجهلهم, فمناط الاستعمال فيهم هو جهلهم بالقراءة والكتابة؛ لا عدم اتباعهم لكتاب من الكتب السماوية.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة