بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمد الشاكرين و صلي الله عليه سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين اسعدالله اوقاتكم بالخير حضرات المستمعين  معكم في حلقة اخري من برنامج نهج الحياة.

اعزاءنا المستمعين، نستمع معاً الي تلاوة الآية الخامسة والتسعين من سورة ال عمران:

 قل صدق الله فاتبعوا ملة ابراهيم حنيفاً وماكان من المشركين

في الحلقة الماضية من هذا البرنامج ذكرنا بأن اليهود وبعد ان بزغت شمس الأسلام، اخذوا باختلاق الأباطيل وراحوا يحرمون ويحللون كما اشتهت لهم نفوسهم، ومن ذلك حرمة بعض الطعام، فقام الأسلام بالرد علي هذه الأباطيل واوضح ان الحلال ما احله الله والحرام ما حرمه سبحانه وتعالي.

وتأتي هذه الآية المباركة لتقول لليهود ان كنتم علي ملة ابراهيم فاتبعوه واتبعوا الحق كما كان ذلك النبي (ع) يفعل وانما الحق هو في اتباع كتاب الله تبارك اسمه اما الأهواء النفسية فلا تغني من الحق شيئاً، لا بل ان اتباعها هو من انواع الشرك والمعصية.

ونتعلم من هذه الآية:

اولاً: ان طلب الحق والسير علي طريقه من خصائص العظماء علي مدي التاريخ الإنساني فلما ذا لا نجعل هؤلاء العظام اسوة لنا.

ثانياً: ان تشريع الحق هو تشريع الله ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون.

ويقول تعالي في الآيتين السادسة والتسعين والسابعة والتسعين من سورة آل عمران المباركة.

ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدي للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً ولله علي الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلاً، ومن كفر فأن الله غني عن العالمين

ربما يتذكر المستمعون الكرام، اننا في سابق حلقات هذا البرنامج وخلال تفسير آيات من سورة البقرة ذكرنا بأن اليهود قد اشكلوا علي المسلمين في اتخاذهم الكعبة قبلة لهم، في حين ان بيت المقدس كان قد بناه النبي سليمان علي نبينا واله وعليه الصلاة والسلام قبل ميلاد المسيح (ع) بما يقرب من الف عام.

ويأتي القرآن الكريم ليرد علي هذه الدعوي الباطلة فيقول ان اول بيت لله وضع علي الأرض هوالكعبة المشرفة، وانه اي البيت العتيق اقدم بيوت الله واستناداً الي الروايات التاريخية ، فأن النبي آدم (ع) هو باني اساس الكعبة وان انبياء الله تعالي (ع) قد زاروا هذا البيت المقدس. وفي زمن النبي ابراهيم (ع) جدد بناء الكعبة واصبحت مكاناً تؤدي فيه مناسك الحج.

وعلاوة علي اداء الصلوات الواجبة والمستحبة باستقبال الكعبة، فأن هذا المكان المقدس يشهد كل عام اقامة مراسيم الحج هذه الفريضة السامية التي يجب اداؤها في العمر مرة واحدة لمن وجد الأستطاعة التي فسرها الفقهاء بالأستطاعة المالية والأستطاعة الجسدية.

وعندما اراد ابراهيم ان يرفع قواعد البيت وقف علي مكان مرتفع هوالذي يعرف بمقام ابراهيم و يحظي بالأحترام والتبجيل. وتجدد بناء الكعبة كذلك قبل قرون من بعثة النبيين موسي وعيسي (ع).

وستشهد الكعبة المقدسة يوماً ما ظهور قائم آل محمد (ص) و حجة الله في خلقه الذي سيملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما ملئت ظلماً و جوراً.

والكعبة والحرم المكي مكان آمن حتي للنباتات والحيوانات فليس لأحد ان يقطع من شجر الحرم او يصيد فيه حيواناً، وبلغت حرمة الكعبة حداً انه اذا أوي اليها مجرم لا يمسك به مادام في الحرم الآمن لكن يضيق عليه في المأكل والمشرب حتي يخرج علي ماقرره الفقهاء في المصنفات الفقهية.

ويقول تعالي في الآيتين الثامنة والتسعين والتاسعة والتسعين من سورة آل عمران:

قل يا اهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد علي ماتعملون قل يا اهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجاً وانتم شهداء وماالله بغافل عما تعملون

كان اليهود قد رأوا في التورات بشارة بظهور نبي الأسلام (ص) لكن بعد ماظهر الأسلام فأن اليهود لم يؤمنوا به بل و أكثر من ذلك وقفوا بوجهه وساندوا المشركين في محاربته وسعوا لتشويه وجهه الناصح ويأتي القرآن هنا ليحذر اليهود من ان الله يعلم نواياهم و اعمالهم الخبيثة.

ونتعلم من هذا الكلام الألهي:

اولاً: علم الله واسع اذ يعلم تعالي خائنة الأعين وما تخفي الصدور اذن علي الأنسان ان يري نفسه دوماً في حضرة القدس الألهي فيتورع عن الأثم والمعصية.

ثانياً: ان الكثير من اعداء الإسلام يعرفون أحقيته وبطلان مشاربهم ومع هذا يواصلون التأمر علي الدين طلباً لمكاسب دنيوية.

نسأل الله تعالي ان يجمعنا واياكم الي جوار بيته المقدس انه خير مجيب والسلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله وبركاته.