في اليوم الحادي عشر من شهر رمضان لم يخل من بعض الوقائع المهمة التي ذكرتها كتب التواريخ منها:
مؤاخاة النبي بين المهاجرين والانصار بعد خمسة او ثمانية اشهر من دخول المدينة، وقال البعض ان ذلك وقع في اليوم الثاني عشر من الشهر.
والواقعة الاخرى، زواج النبي الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم من زينب بنت خزيمة في السنة الثالثة للهجرة، وكانت تعرف في الجاهلية بأمّ المساكين، استشهد زوجها عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وتزوجها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ان ديناً نبيّه وقائده محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يترك خصلة طيبة وخلقاً رفيعاً وسلوكاً رحيماً الا جاء به وأوصى اتباعه باتخاذ نهجه، لانه دين اليسر والمحبة والمودة من ربّ رحيم عطوف رؤوف، ويدير شؤونه رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ. وان ديناً كالاسلام وقائداً كمحمد حينما لم يتجاهلا أمراً كالمؤاخاة، فمن الاحرى ان لايغفل أمر شؤون الامة وقيادتها بلا تعيين ونصّ من الله ورسوله.
ذُكِرَ ان البين صلى الله عليه وآله آخى بين المسلمين مرات عديدة، وقيل ان اول مؤاخاة كانت بين المهاجرين انفسهم وكانت في مكة قبل الهجرة، وفي مثل هذا اليوم آخى نبيًّ الاخوة والمودة بين المهاجرين والانصار وفي ذلك العمل ثمرات لاتعد ولا تحضى جاء من هذه النعمة النبوية، وخيرها وافضلها واشدها بهجة للقلوب المؤمنة، مؤاخاته صلى الله عليه وآله بينه وبين وصيّه وخليفته وزوج ابنته وابي ولده علي بن ابي طالب عليه السلام.
حتى كان امير المؤمنين عليه السلام لا يبرح يذكر ذلك بفخر واعتزاز ويقول: أنا عبد الله وأخو رسوله لايقولها أحد غيري الاّ كذاب. وقال ابن حجر مانصّه:
وكان قو امير المؤمنين هذا أخذاً بما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: أنت أخي وأنا أخوك فان ناكرك او حاجّك احد.
فقل: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يدّعيها بعدك الاّ كذاب. انتهى قول ابن حجر. راجع الغدير الجزء الثالث، ونقول: قد ادّعاها أفّاك أشر فمُسخ كلباً في الحال.
وقال العلامة عبد الحسين الاميني صاحب الغدير قدس الله روحه في الجزء التاسع من الغدير تعليقاً على المؤاخاة:
وهذا الذي يقتضيه الاعتبار بعدما نصّ الكتاب العزيز على ان علياً سلام الله عليه نفس النبي الاقدس «وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ»، وانهما من اهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وان ولاية عليٍّ مقرونة بولاية الله ورسوله، وبعدما ثبت انه سلام الله عليه صنو النبي الاعظم في الفضائل، وشاكلته في النفسيات، ورديفه في الملكات الفاضلة، ونظيره من امته كما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو منه صلى الله عليه وآله بمنزلة رأسه من بدنه نصا منه صلى الله عليه وآله وسلم، وهما من شجرة واحدة وساير الناس من شجر شتى وهو الذي ثبت فيه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت مني وأنا منك، وهو الذي أنزله صلى الله عليه وآله وسلم من نفسه بمنزلة هارون من موسى ولم يستثن له مما اختصه الله به الاّ النبوة.