نحن نتابع معكم بعض الوقائع التي حدثت في تاريخ الاسلام وقادته الائمة الطاهرين من آل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم والتابعين لهم ديناً وعقيدة.
ومن يتصفح التاريخ وحوادثه يرى ان في الرابع عشر من شهر رمضان المبارك وقعت عدة حوادث مهمة، الا اننا ارتئينا تسليط الضوء على اثنتين منها، وهما:
واقعة استشهاد المختار ابن ابي عبيدة الثقفي سنة 67 للهجرة. وواقعة استشهاد محمد النفس الزكية سنة 145 للهجرة.
في اليوم الرابع عشر من شهر رمضان عام 67 للهجرة النبوية الشريفة استشهد المختار ابن ابي عبيدة الثقفي في الكوفة على يد مصعب بن الزبير بن العوام واحتز رأسه وبعثه الى اخيه عبد الله بن الزبير في مكة.
والمختار ابن ابي عبيدة بن مسعود بن عُمير الثقفي، وامه دومة بنت وهب بن عمر بن معتّب، وُلِدَ في عام الهجرة، وكانت امه من ربّات الفصاحة والبلاغة والرأي والعقل، قالت: لما حملت بالمختار، رأيت في النوم قائلا يقول:
أبشري بالولد
أشبه شيء بالاسد
اذا الرجالُ في كَبَدٍ
تقاتلوا على لَبَد
وقد كثر الكلام حول المختار (رضي الله عنه) الا ان الروايات التي سجلها التاريخ عن ائمة اهل البيت هي الفصل في ذلك، فعن الامام ابي جعفر الباقر عليه السلام قال: لا تسبّوا المختار، فانه قتل قتلتنا وطلب ثأرنا، وزوّج أراملنا، وقسّم فينا المال على العُسرة. وقد قال الامام الباقر لابن المختار لمى شكى اليه الاخير ان الناس يقولون ان المختار كذّاب، فقال الامام عليه السلام: سبحان الله، أخبرني أبي ان مهر أمي مما بعث به المختار اليه، أو لم يبن دورنا وقتل قاتلنا، وطلب بثأرنا؟ فرحم الله أباك، وكررها ثلاثاً، ما ترك لنا حقاً عند احد الا طلبه.
هذا وقد تتبع المختار رحمه الله كل قتلة الحسين عليه السلام في كل مكان حتى ظفر بعمر بن سعد، وعبيد الله بن زياد، وحرملة بن كاهل الاسدي، وشمر بن ذي الجوشن وغيرهم فقتلهم ثأراً للحسين عليه السلام وانتقاماً من اعدائه لعنهم الله اجمعين، ولما قتل المختار رحمه الله، جيء بزوجته عمرة بنت النعمان بن بشير الانصاري الى مصعب فأمرها ان تتبرّأ من المختار فأجابته: كيف اتبرّأ من رجل كان يقول ربي الله، وكان يقوم الليل ويصوم النهار، وبذل روحه في سبيل الله ورسوله وانتقم من قتلة الحسين وشفا الصدور بقتلهم. فأمر مصعب بقتلها فقتلت رضوان الله عليها.
ومن وقائع الرابع عشر من شهر رمضان شهادة محمد النفس الزكية ابن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عام 145 هجري، ويلقب بقتيل احجار الزيت، واخوه ابراهيم بقتيل باخمرى، ثار ضد الظلم والجور العباسي ايام المنصور الدوانيقي في المدينة المنورة وفي ايام امامة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام الذي اخبره ان الثورة ستقمع ولن يكتب لها النجاح، وكان كما قال الامام الصادق عليه السلام حيث استمرت ثلاثة اشهر وقمعت على يد عيسى بن موسى عمّ المنصور الدوانيقي ومنثم قمعت ثورة اخيه ابراهيم في البصرة ايضاً.
والمعروف عن المنصور الدوانيقي القسوة وشدة العقوبة والفتك بشكل عام وعلى بني الحسن بشكل خاص قبل الثورة وزاد من فتكه بهم بعد ثورة محمد وابراهيم ابني عبد الله المحض حيث كان لا يتردد من ضربهم واهانتهم وتعذيبهم وزجهم في السجون المطبقة في الحجاز والعراق.