بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على سادات اولياء الله واصفيائه محمد المختار وآله الاطهار.
السلام عليكم اعزاءنا ورحمة الله وبركاته، تحية مباركة طيبة واهلاً بكم في الحلقة اخرى من هذا البرنامج حيث نبقى في رحاب المشاهد المشرفة في ارض الغري العلوي، ونتعرف فيها على آثار الانبياء والاوصياء (عليهم السلام) في هذه المدينة المقدسة.
كنا في الحلقة السابقة من البرنامج قد تعرفنا على فضيلة وبركات مرقد امير المؤمنين (عليه السلام) في النجف الاشرف؛ ونبدأ هذه الحلقة بالاشارة الى ان لهذه البقعة المقدسة جذور عريقة في التأريخ الديني، لاحظوا اعزاءنا ما رواه الشيخ الصدوق في كتاب علل الشرائع فيما يرتبط بأصل ظهور هذه المدينة وتسميتها بالنجف، عن مولانا الصادق (عليه السلام) قال: إن النجف كان جبلاً، وهو الذي قال فيه ابن نوح ]سآوي الى جبل ٍ يعصمني من الماء[، ولم يكن على وجه الارض جبلٌ اعظم منه، فاوحى الله عزوجل اليه: يا جبل ـ أيُعتصم بك مني؟
قال الصادق (عليه السلام) فتقطع الجبل قطعاً قطعاً الى بلاد الشام وصار رملاً دقيقاً، وصار بعد ذلك بحراً عظيماً، وكان يسمى ذلك البحر بحر (ني)، ثم جف بعد ذلك فقيل: ني جف، فسمي بـ(نيجف) ثم صار بعد ذلك يسمونه نجف لانه أخف على السنتهم.
وثمة شواهد كثيرة في نتاجات الدراسات الجيولوجية والجغرافية تؤيد ما ورد في الحديث الشريف لا يتسع المجال لذكرها، الا ما يهمنا هنا الاشارة الى ان هذه البقعة المقدسة لها تأريخ عريق في تاريخ الانبياء والرسالات الالهية كما يتضح من كثرة مراقد الانبياء والاولياء (عليهم السلام) فيها، روي في كتاب فرحة الغري مسنداً عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال: «الكوفة روضة من رياض الجنة، فيها قبر نوح وابراهيم وقبور ثلاثمائة نبي وسبعين نبياً، وستمائة وصي، وقبر سيد الاوصياء امير المؤمنين (عليه السلام)».
نصت الاحاديث الشريفة على استحباب زيارة انبياء الله آدم ونوح وابراهيم وهود وصالح (عليهم السلام) مع امير المؤمنين ومن عند قبره (سلام الله عليه).
روي في تهذيب الاحكام وكامل الزيارات وفيرها عن المفضل بن عمر قال: دخلت على ابي عبد الله الصادق (عليه السلام) فقلت له: اني اشتاق الى الغري، فقال: ما شوقك اليه؟
فقلت له: اني احب ان ازور امير المؤمنين (عليه السلام).
فقال: هل تعرف فضل زيارته؟
قلت: لا يا ابن رسول الله الا ان تعرفني ذلك فقال (عليه السلام): اذا زرت امير المؤمنين (عليه السلام) فاعلم انك زائر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن ابي طالب.
وبعد ان بين كيفية نقل نوح لرفات آدم الى النجف الاشرف قال الامام الصادق للمفضل: «فاذا زرت جانب النجف فزر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن ابي طالب فانك زائر الآباء الاولين ومحمداً خاتم النبيين وعلياً سيد الوصيين وإن زائره تفتح له ابواب السماء عند دعوته فلا تكن عن الخير نواماً...».
ويُفهم من النصوص الشريفة أن قبري آدم ونوح عليهما السلام هما في ضريح واحد مع قبر الامام علي (عليه السلام)، وهذا ما صرح السيد ابن طاووس في مصباح الزائر في الفصل الخاص بزيارة امير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال: «وليكن قصدك التقرب الى الله جل جلاله بزيارته عليه السلام وزيارة آدم ونوح (عليهما السلام) فإنهم في ضريح واحد».
أما قبر ابراهيم الخليل (عليه السلام) فلم يُصرح بموضعه، في حين الاحاديث تصرح بقرب قبري هود وصالح (عليهما السلام) من قبر امير المؤمنين سلام الله عليه، ويوجد مزار في وادي السلام لهما (عليه السلام).
وتبقى قضية مهمة في المشهد العلوي ينبغي الاشارة اليها وهي ما ترتبط بالرأس الشريف لسيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام)، فقد ورد في جملة من الاحاديث الشريفة ان مشهد الرأس الشريف يقع عند ضريح امير المؤمنين عليه السلام ولزيارته فضل كبير أخبرتنا عنه الاحاديث الشريفة.