بسم الله وله الحمد رب العالمين وصلواته على محمد وآله الطاهرين. نلتقيكم أيها الأخوة والاخوات في رحاب أدب المدح والرثاء الحسيني وما يذكيه في قلوب المؤمنين من مشاعر الغضب لله على ظالمي أهل بيت النبوة عليهم السلام، شاعر هذا اللقاء هو أبو القاسم علي بن إسحاق بن خلف البغدادي الشهير بالزاهي، شاعر عبقري وداعية بشعره الى أهل بيت الوحي، ودان بمذهبهم، وأدى بمودتهم أجر الرسالة، فكان أكثر شعره الواقع في أربعة أجزاء فيهم مدحا ورثاءا بحيث عده الحافظ السروي المازندراني في كتاب (معالم العلماء) في طبقة المجاهدين من شعراء أهل البيت (ع). ولد الاديب الزاهي يوم الأثنين لعشر ليال بقين من صفر سنة ۳۱۸ كما نص به ابن خلكان نقلا عن (طبقات الشعراء) لعميد الدولة. وتوفي ببغداد يوم الاربعاء لعشر بقين من جمادى الأولى سنة ۳٥۲ في رواية عميد الدولة، ودفن في مقابر قريش رضوان الله عليه. وللاديب ابي القاسم الزاهي مراثي كثيرة جزلة للامام السبط الشهيد عليه السلام منها قوله رحمه الله:
أعاتب عيني إذا أقصرت
وأفني دموعي إذا ما جرت
لذكراكم يابني المصطفى
دموعي على الخد قد سطرت
لكم وعليكم جفت غمضها
جفوني عن النوم واستشعرت
أمثل أجسادكم بالعراق
وفيها الأسنة قد كسرت
أمثلكم في عراص الطفوف
بدور تكسف اذ أقمرت
غدت أرض يثرب من جمعكم
كخط الصحيفة اذ أقفرت
وأضحى بكم كربلا مغربا
كزهر النجوم إذا غورت
كأني بزينب حول الحسين
ومنها الذوائب قد نشرت
تمرغ في نحره وجهها
وتبدي من الوجد ما أضمرت
وفاطمة حملها؟؟ طاير
إذ السوط في جنبها أبصرت
وللسبط فوق الثرى جثة
بفيض دم النحر قد عفرت
وفتيته فوق وجه الثرى
كمثل الأضاحي إذا جزرت
وأرؤسهم فوق سمر القنا؟؟
كمثل الغصون إذا أثمرت
ورأس الحسين أمام الرفاق
كغرة صبح إذا أسفرت
ونبقى مع الأديب العالم ابي القاسم الزاهي وهو يتفجع لمظلومية أهل البيت قائلاً بلوعة المحب الموالي:
أبكي يا عين أبكي آل رسول
الله حتى تخدّ منك الخدود
وتقلب يا قلب في ضرام الحزن
فما في الشجا لهم تفنيد
وهم في الكتاب زيتونة النور
وفيها لكل نار وقود
وبأسمائهم إذا ذكر الله
بأسمائه اقتران أكيد
غادرتهم حوادث الدهر صرعى
كل شهد بالنفس منه يجود
لست أنسى الحسين في كربلاء
وهو ظام بين الأعادي وحيد
ساجد يلثم الثرا وعليه
قضب الهند ركع وسجود
يطلب الماء والفرات قريب
ويرى الماء وهو عنه بعيد
يا بني الغدر من قتلتم؟ لعمري
قد قتلتم من قام فيه الوجود
وله رحمه الله في رثائهم سلام الله عليهم قوله:
بنو المصطفى تفنون بالسيف عنوة
ويسلمني طيف الهجوع فأهجع؟
ظلمتم وذبحتم وقسم فيئكم
وجار عليكم من لكم كان يخضع
فما بقعة في الأرض شرقاً ومغربا
والا لكم فيه قتيل ومصرع
رحم الله الأديب الولائي ابا القاسم الزاهي البغدادي وجزاه الله خيراً عن أهل بيت النبوة عليهم السلام على هذه الاشعار المخلصة في إعلان مظلوميتهم سلام الله عليهم. نشكر لكم اخوة الإيمان طيب المتابعة لهذا اللقاء من برنامج (مدائح الأنوار)، قدمناه لكم من اذاعة طهران تقبل الله أعمالكم والسلام عليكم ورحمة الله.