له الحمد رب العالمين والصلاة والسلام علي شموس هدايته الساطعة محمد المصطفي وآله الأصفياء.
أعددنا لكم في هذا اللقاء ثلاث مقطوعات من مدائح انوار الله إثنتان منها، لشاعر رقيق ومبدع من القرن الهجري الرابع الذي إمتاز شعره بأتقان وصف الرياض والأزهار ومظاهر الجمال، ألا هو الأديب ابي بكر أحمد بن محمد الحلبي الأنطاكي الذي عُرف بلقب الصنوبري وهو من شعراء سيف الدولة الحمداني وقد توفي رحمه الله سنة خمسٍ وثلاثين بعد الثلاثمائة للهجرة.
أما المقطوعة الثالثة فهي مناجاة تتضمن مدحاً بليغاً لأهل بيت النبوة (عليهم السلام) وتوسلاً مبلغاً للمراد بهم الي الله عزوجل، وهي من إنشاء من وصفه ابي العلاء المعري بقوة الحجة والبرهان ووصفه المؤرخون بأنه من ألمع الشخصيات العلمية والسياسية والأدبية في القرن الهجري الخامس، إنه هبة الله بن أبي عمران الشيرازي الملقب بالمؤيد بالدين الفاطمي الفارس الأديب ومن مبرزي دعاة الدولة الفاطمية المتوفي رحمه الله سنة سبعين وأربعمائة للهجرة المباركة.
يقول الأديب الصنوبري أحمد بن محمد الحلبي (رحمه الله) في بعض قصائدِهِ:
يا عترةَ المصطفي نفسي فداؤكمُ
من عترة بهمُ في الخوفِ نمتنعُ
أنتم صميمُ أديمِ الناسِ كلّهِمُ
والناسُ غيركم الأطرافُ والزَّمَع
سقايةُ الحجِّ قد كانت سقايتَكم
وإنما للحسودِ الصَّابُ والسَّلَع
تُعطَونُ ما تسعَ الدنيا لأنكم
قلوبكم تَسَع الدنيا وما تَسَع
نبقي مع الشاعر الحلبي الإنطاكي فنقرأ لكم أبياتاً من قصيدة أخري له يرثي فيها سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) ويخاطبه بمدحه ومدح سائر العترة المحمدية الطاهرة، قال (رحمه الله):
بأبي عترةَ النَّبيّ وأُمّّّي
سَدَّ عنهم مُعانِدٌ أصماخا
خَيرُذا الخَلقِ صِبيةً وشباباً
وكهولاً وَخَيرُهُم أشياخا
أخَذوا صَدرَ مفخرِ العزّ مُذكا
نوا وخلّوا للعالمينَ المخاخا
النَّقِيونَ حيثُ كانوا جيوبا
حيثُ لا تأمن الجيوبُ اتـّساخا
يأَلفُونَ الطَّوَي إذا ألف الناسُ
اشتواءً مِن فَيئهِم واطّباخا
أهلُ فَضلٍ تناسخوا الفضلَ شيباً
وشباباً أكرِم بذاك انتساخا
بِهَواهُم يزهُو ويشمَخُ مَن قَد
كانَ في النَّاسِ زَاهِياً شَمَّاخا
يابنِ بنتِ النَّبيّ أكرِم بهِ ابنا
وَبأسناخِ جدّهِ أسناخا
وَابنَ مَن وَازَرَ النَّبيَّ وَوَالاهُ
وَصَافاهُ في الغَديرِ وَوَاخَي
وابنَ مَن كانَ للكريهةِ ركاباً
وفي وَجهِ هَولها رسّاخا
ما عَليكم أناخَ كلكلَهُ الدَّهرُ
ولكن عَلي الأنامِ أناخا
وفي البيت الأخير إشارة الي آثار فاجعة كربلاء علي عموم الأمة المحمدية.
وعلي أي حال، فمن حلب والشاعر أحمد بن محمد الأنطاكي الصنوبري الذي قرأنا لكم من شعره ما تقدم، ننقلكم أعزاءنا الي مصرفي القرن الهجري الخامس ومع هذه الأبيات الدعائية في التوسل الي الله بأهل بيت النبوة (عليهم السلام) وهي من إنشاء المؤيد في الدين الفاطمي هبة الله بن أبي عمران الشيرازي، يقول (رحمه الله):
إلهي إني لأرجو النجاة
بواسع رَحمَةِ وَهَّابِها
فإني تَحَرَّمت يا ذا الجلال
بمَسجِدِها وبِمحرابها
نبي الهدي والوصي الذي
إذا افترت الحرب عن نابها
تلفح صارمُه بالطُّلَي
تلفح نار بأقصَابها
وعترته عترة قد عَلَت
بأنسابها وبأحسابها
ولايتهم لرجال الولاء
عَلامةُ طُهر لأنسَابِها
إلهي إني بآل النبي
دَهَتني الليالي بأوصابها
فكم جرَّعتنيَ من صابها
وكم أنصَبَتني بتَنصابها
فَغُفراً إلهي فإني امرؤ
دخلت المدينة من بابها
وجاهدت في الله حق الجهاد
وُجدتُ بنفسي لأربابها
وَعذب عُداتَهُمُ التابعين
لأزلامها ولأنصابها
وقطِع من النار أثوابهم
فقد آن تقطيعُ أثوابها
فنارك يا ربي أولي بهم
وهم يا إلهي أولي بها
كانت هذه مقطوعة في التوسل الي الله عزوجل بالأنوار الإلهي للأديب الفارسي المؤيد في الدين الفاطمي (رحمه الله).