البث المباشر

إكمال العطاء وإتمام النعمة

الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 15:11 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من آخلاق الله: الحلقة 13

بسم الله وله الحمد الذي كرم الإنسان وعلمه البيان، وأزكى صلواته على من عرفوا عباده بسمو أخلاقه وأعانوهم على التخلق بها، المصطفى الأمين وآله الطاهرين. السلام عليكم أعزائنا المستمعين، من أخلاق الله عزوجل الواضحة هو أنه يتم نعمته ويكملها على من يحسن إليه، فهو كاف عبده ومغنيه، كما أن عطاءه عزوجل مقرون بتكريم الإنسان وحفظ كرامته، وكل هذا من أسمى الأخلاق النبيلة التي دعانا أهل بيت النبوة للتخلق بها من خلال تجسيدهم لها في سيرتهم العملية سلام الله عليهم، وقد اخترنا منها ثلاثة نماذج ننور قلوبنا بذكرها في هذا اللقاء، فكونوا معنا مشكورين. النموذج الأول نختاره أعزائنا من سيرة شبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وخامس أئمة عترته باقر علم النبيين عليه السلام، وقد رواه العالم الجليل الشيخ علي بن عيسى الأربلي في كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة، قال: قالت سلمى مولاة أبي جعفر الباقر عليه السلام: كان يدخل عليه إخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب ويكسوهم الثياب الحسنة ويهب لهم الدراهم، فأقول له في ذلك ليقل منه، فيقول: "يا سلمى ما حسنة الدنيا إلا صلة الإخوان والمعارف". وكان يجيز بالخمسمائة والستمائة إلى الألف، وكان لا يمل من مجالسته إخوانه وقال: "إعرف المودة لك في قلب أخيك بما له في قلبك". وكان لا يسمع من داره (قول): يا سائل بورك فيك ولا: يا سائل خذ هذا، فقد كان يقول سموهم بأحسن أسمائهم. مستمعينا الأكارم، ومن سيرة مولانا الإمام الصادق عليه السلام ننقل لكم هذه الرواية المؤثرة التي رواها الشيخ الطوسي في كتاب (الأمالي) بسنده عن الإمام العسكري عن آبائه عليهم السلام عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام، قال: كنت عند سيدنا الصادق عليه السلام إذ دخل عليه أشجع السلمي (الشاعر) يمدحه فوجده عليلا، فجلس وأمسك، فقال له سيدنا الصادق عليه السلام: عد عن العلة واذكر ما جئت له. فقال له:

ألبسك الله منه عافية

 

في نومك المعترى وفي أرقك

 

يخرج من جسمك السقام كما

 

أخرج ذل السؤال من عنقك


فقال يا غلام: أيش معك؟ قال أربع مائة درهم. قال: أعطها للأشجع. قال: فأخذها وشكر وولى، فقال: ردوه، فقال: يا سيدي، سألت فأعطيت وأغنيت، فلم رددتني؟ قال حدثني أبي عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: "خير العطاء ما أبقى نعمة باقية، وإن الذي أعطيتك لا يبقى لك نعمة باقية، وهذا خاتمي فإن أعطيت به عشرة آلاف درهم وإلا فعد إلى وقت كذا وكذا أوفك إياها". قال سيدي، قد أغنيتني، وأنا كثير الأسفار، وأحصل في المواضع المفزعة، فتعلمني ما آمن على نفسي. قال فإذا خفت أمرا فاترك يمينك على أم رأسك واقرأ برفيع صوتك: "أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون". قال الأشجع: فحصلت في واد تعبث فيه الجن فسمعت قائلا يقول: خذوه فقرأتها فقال قائل: كيف نأخذه وقد احتجز بآية طيبة. وأخيرا لاحظوا أعزائنا ما رواه الحافظ السروي الحلبي المازندراني في كتاب المناقب عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام قال: دخلت ذات يوم من المكتب ومعي لوحي فأجلسني أبي بين يديه وقال: يا بني اكتب: تنح عن القبيح ولا ترده، ثم قال: أجزه (أي أكمله)، فقلت: ومن أوليته حسنا فزده. ثم قال: ستلقى من عدوك كل كيد. فقلت: إذا كاد العدو فلا تكده قال: فقال الإمام الصادق عليه السلام: "ذرية بعضها من بعض". رزقنا الله وإياكم أيها الإخوة والأخوات حسن التأسي بأخلاق محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين التي جسدوا فيها أسمى درجات الأخلاق الإلهية الفاضلة. اللهم آمين، شكرا لكم على طيب المتابعة لحلقة اليوم من برنامج (من أخلاق الله)، استمعتم لها من طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، تقبل الله أعمالكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة