السلام عليكم أيها الأحباء أهلا بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج وفيه نلتقي بأربع روايات معبرة عن جميل التخلق بخلق الرحمة والرأفة وهو من أبرز أخلاق أرحم الراحمين جل جلاله. ومما يميز هذا الخلق من أخلاق الله أنه يشمل كل شيء فهو عزوجل الموصوف بأن رحمته وسعت كل شيء. فهو الرحيم الرؤوف بالإنسان والحيوان وكل مخلوق. وهذا ما تجلى في سيرة سادات المتخلقين بأخلاقه عزوجل أحب خلقه إليه محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
نبدأ بالرواية الأولى ونختارها من سيرة مولانا السبط الأكبر للنبي المصطفى الإمام الحسن المجتبي سلام الله عليه. قال العلامة المجلسي في جزء ٤۳ من موسوعة بحار الأنوار: روي في بعض كتب المناقب المعتبرة بإسناده عن نجيح قال: رأيت الحسن بن علي عليهما السلام يأكل وبين يديه كلب كلما أكل لقمة طرح للكلب مثلها فقلت له: يابن رسول الله ألا أرجم هذا الكلب عن طعامك؟ "قال: دعه إني لأستحيي من الله عزوجل أن يكون ذو روح ينظر في وجهي وأنا آكل ثم لا أطعمه " .
مستمعينا الأكارم، وفي الرواية التالية نلتقي بنموذج مؤثر يبين عظمة السعي للتخلق بخلق الرحمة الإلهية في جذب الآخرين إلى الدين الحق، ونرى في هذه الرواية فتى مؤمنا يسعى للتخلق بهذا الخلق، الرواية نقلها الحافظ السروي الحلبي في كتاب المناقب قال رضوان الله عليه : روي عن الحسين بن علي عليهما السلام أنه قال: صح عندي قول النبي صلى الله عليه وآله: أفضل الأعمال بعد الصلاة إدخال السرور في قلب المؤمن بما لا إثم فيه، فإني رأيت غلاما يؤاكل كلبا، فقلت له في ذلك، فقال: يابن رسول الله، إني مغموم أطلب سرورا بسروره، لأن صاحبي يهودي أريد ان أفارقه. فأتى الحسين عليه السلام إلى صاحبه بمئتي دينار ثمنا له، فقال اليهودي: الغلام فداء لخطاك، وهذا البستان له، ورددت عليك المال، فقال عليه السلام: "وأنا قد وهبت لك المال " . قال: قبلت المال ووهبته للغلام. فقال الحسين عليه السلام: أعتقت الغلام ووهبته له جميعا. فقالت امرأته: قد أسلمت ووهبت زوجي مهري. فقال اليهودي: وأنا أيضا أسلمت وأعطيتها هذه الدار.
أما الرواية الثالثة مستمعينا الأكارم فنختارها من سيرة مولانا الإمام زين العابدين عليه السلام، وفيها يتجلى خلق الرحمة الإلهية بالحيوان، وقد رواها الشيخ الصدوق رضوان الله عليه في كتاب ثواب الأعمال بسنده عن الصادق عليه السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام لابنه محمد عليه السلام حين حضرته الوفاة: "إنني قد حججت على ناقتي هذه عشرين حجة فلم أقرعها بسوط قرعة فإذا نفقت فادفنها لا يأكل لحمها السباع فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج إلا جعله الله من نعم الجنة وبارك في نسله، فلما نفقت حفر لها أبو جعفر عليه السلام ودفنها" .
والنموذج الأخير في هذا اللقاء يعلمنا فيه أئمة الهدى المحمدي عليهم السلام الرأفة بالأجراء، وقد رواه الثقة الجليل الحسين بن سعيد رضوان الله عليه في كتاب (النوادر) مسندا عن مولانا الإمام الصادق صلوات الله عليه قال: في كتاب رسول الله: "إذا استعملتم ما ملكت أيمانكم في شيء فيشق عليهم فاعملوا معهم فيه" ، قال عليه السلام: "وإن كان أبي ليأمرهم فيقول: كما أنتم، فيأتي فينظر فإن كان ثقيلا قال بسم الله ثم عمل معهم وإن كان خفيفا تنحى عنهم" .
وفقنا الله وإياكم أعزائنا المستمعين للتحلي بخلقه الكريم والتعامل برأفة ورحمة مع كل ما حولنا ببركة التمسك بولاية محمد وآله الطاهرين والإقتداء بهم صلوات الله عليهم أجمعين اللهم آمين، شكرا لكم أيها الأحباء على جميل المتابعة لهذه الحلقة من برنامج (من أخلاق الله)، إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران. دمتم بكل خير وفي أمان الله.