نلتقيكم في حلقةٍ أخري من هذا البرنامج نستهله بحديث شريف يبين أثر المودة الصادقة لأولياء الله المقربين (عليهم السلام) في السلامة النفسية والروحية وتطهير القلوب مما يسبب لها الإضطراب.
فقد روي عن مولانا الإمام علي (عليه السلام): إن رسول الله (صلي الله عليه وآله) لما نزلت هذه الآية: أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.
قال: ذاك من أحب الله ورسوله، وأحب أهل بيتي صادقاً غير كاذب، وأحب المؤمنين شاهداً وغائباً، ألا بذكر الله يتحابون.
ونبقي مع مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وهو يحدثنا عن مصداق دقيق للعدالة المحمدية في التعامل مع الأخرين، فقد روت عدة من المصادر المعتبرة عنه (عليه السلام) قال: دخل عليّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأنا نائم، فاستسقي الحسين، فقام النبي (صلي الله عليه وآله) إلي شاة لنا فحلبها فدرت، فجاءه الحسن فنحاه النبي (صلي الله عليه وآله)، فقالت فاطمة: يا رسول الله، كأنه - تعني الحسين - أحبهما إليك؟
قال: لا، ولكنه استسقي قبله.
ثم قال: إني وإياك وهذين وهذا الراقد في مكان واحد يوم القيامة.
ومن الأخلاق المحمدية الرأفة بالناس جميعاً وإعانة حتي الأُجراء، لاحظوا في هذا الباب ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: في كتاب رسول الله: إذا استعملتم ما ملكت أيمانكم في شيء يشق عليهم فاعملوا معهم فيه.
ثم قال الإمام الصادق (عليه السلام): وإن كان أبي ليأمرهم فيقول: كما أنتم - أي أذا أرادوا حمل شيء ما -، فيأتي فينظر فإن كان ثقيلاً قال: بسم الله، ثم عمل معهم، وإن كان خفيفا تنحي عنهم، وروي عن حفص بن أبي عائشة قال: بعث أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) غلاما له في حاجة فأبطأ، فخرج (عليه السلام) علي أثره لما أبطأ عليه فوجده نائما، فجلس عند رأسه يروحه حتي انتبه، فلما انتبه قال له أبو عبد الله (عليه السلام): يا فلان، والله ما ذاك لك تنام الليل والنهار، لك الليل ولنا منك النهار.
أعطوا الله من أنفسكم الاجتهاد في طاعته، فإن الله لا يدرك شيء من الخير عنده إلا بطاعته واجتناب محارمه التي حرم الله في ظاهر القرآن وباطنه، فإن الله تبارك وتعالي قال في كتابه وقوله الحق: وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ واعلموا أن ما أمر الله به أن تجتنبوه فقد حرمه. واتبعوا آثار رسول الله (صلي الله عليه وآله) وسنته، فخذوا بها ولا تتبعوا أهواءكم وآراءكم فتضلوا، فإن أضل الناس عند الله من اتبع هواه ورأيه بغير هدي من الله. وأحسنوا إلي أنفسكم ما استطعتم، فإِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا. أيتها العصابة الحافظ الله لهم أمرهم، عليكم بآثار رسول الله (صلي الله عليه وآله) وسنته وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت رسول الله (صلي الله عليه وآله) من بعده وسنتهم، فإنه من أخذ بذلك فقد اهتدي ومن ترك ذلك ورغب عنه ضل، لأنهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم، وقد قال أبونا رسول الله (صلي الله عليه وآله): المداومة علي العمل في اتباع الآثار والسنن وإن قل أرضي لله وأنفع عنده في العاقبة من الاجتهاد في البدع واتباع الأهواء. ألا إن اتباع الأهواء واتباع البدع بغير هدي من الله ضلال، وكل ضلالة بدعة وكل بدعة في النار.