البث المباشر

صدقة لله طوعاً وكرهاً -۱

الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 - 11:54 بتوقيت طهران

اذاعة طهران – قصص من الحياة : الحلقة : 22

 

في تلك الليلة لم يعد الشاي مثلما جرت عادته في كل ليلة اذ لم يكن لديه رغيف الخبز الذي اعتاد ان ياكله مع الشاي وقد كان كل طعامه في الكثير من ايامه.
الضائقة المالية في تلك الاعوام من اواسط القرن الهجري الرابع عشر كانت تاخذ بخناق طلبة الحوزة العلمية الدينية في النجف الاشرف وعلمائها خاصة الغرباء منهم القادمين اليها من المناطق النائية وبالخصوص الذين عفت انفسهم عن ذل الطلب والكشف لاحد من خلق الله عما يعانون حتى يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف ولكن شوق طلب العلم الالهي في جوار مرقد امير المؤمنين عليه السلام وصدق موالاته اعانهم على تحمل تلك الصعاب خاصة مع وجود علماء ربانيين جمعوا درر التربية النبوية والمواعظ العلوية النقية وفتحوا صدورهم لاستقبال طالبيها وتربيتهم عليها ونقلها اليهم يستضيئون بانوارها ويحفظونها لطلابها ويصونونها عن غير اهلها وكان من هؤلاء الحبر الرباني والعبد الصالح آية الله السيد علي القاضي.
كان الشيخ الشاب من تلامذة هذا السيد العارف ملازماً لمحضره يستفيض مما عنده من جواهر المعارف الالهية والتربية المحمدية والمواعظ العلوية فهانت عليه الصعاب التي كان يعانيها وهو في شظف العيش وقلة مافي اليد.
وفي تلك الايام كانت ضائقته المالية قد بلغت ذروتها ولم يكن في يديه الا اقل القليل فقرر ان يقنع باقل القليل ايضاً من الطعام لكن يبقى مالديه اطول فترة ممكنة وهو لا يدري ما سيحمله له الغد قرر ان يكتفي من طعامه بقرصين من الخبز في ليله ونهاره يقنع باكل احدهما في الصباح والثاني في المساء مع الشاي يستقوي بهما على درسه وعبادته وهكذا كانت سنة مولاه امير المؤمنين عليه السلام ولكن من يطيق ما طاقه علي بن ابي طالب لقد كان يفعل ذلك والدنيا ملك يديه ورهن اشارته عليه السلام لكن كان يتصدق منها بالكثير ويقنع لنفسه باقل القليل سلام الله عليه.
في صباح ذلك اليوم لم يبق لدى صاحبنا من نقوده سوى ما يشتري به رغيفي خبز لصباحه ومسائه وقد ادخره ليومه وروحه قلقة من الغد سائل نفسه قبل ان يحل الغد ماذا سافعل غداً ويدي خالية حتى مما اشتري به الخبز الذي قنعت به ولم احصل على غيره من طيبات رزق الله.
كان هذا الهاجس قد استولى عليه وهو يقطع الطريق من المدرسة الدينية التى يقيم في احدى حجراتها الى منزل استاذه العارف السيد القاضي ظهرت آثار هذا الهاجس في الوجوم الذي طفح على وجهه وشغله حتى عن موضوع الدرس الذي سيتلقاه من استاذه في هذا اليوم خلافاً لما كانت عادته من الاهتمام بالتفكير بموضوع درسه وافاضات استاذه.
اجل التفكير فيما سيحمله الغد كان قد استحوذ عليه ولم يقطع سلسلة افكاره الا صوت فقير اعترض طريقه وهو يستعطيه اعطني مما اعطاك الله ما اسد به رمقي فقد الح بي الحوع!!
رق الشيخ الشاب لحال هذا الفقير واحس في قلبه تصديقاً له لقد رأى علائم الجوع بادية عليه وهم ان يعطيه مالديه من نقود ولكنه احجم عن ذلك عندما تذكر حاله وانبته نفسه قبل ان يعطي مالديه، انسيت يافتى حالك انت معدم مثله ولعل حالك اشد سوءً منه انك معذور فدع عنك هذه الحماقة واذهب لشانك فسيأتي من هو افضل حالاً ويعطيه مايسد حاجته، قنع الشيخ ومضى لسبيله بعد ان دعا للفقير معتذراً، الله يوسع علينا وعليك يا اخي!

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة