البث المباشر

فاطمة عليها السلام وشجرة طوبي

الأحد 29 سبتمبر 2019 - 13:48 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - فاطمه في القرآن والسنة: الحلقة 19

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وليّ النّعم، وأفضل الصّلاة وأزكاها على المصطفى وآله سادة الأمم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخوتنا الأعزّة الأفاضل، كنّا قد ألمحنا إلى أن كثيراً من الآيات الشريفة جاءت عامّةً في أهل البيت ومنهم الصدّيقة فاطمة عليها السلام، أو جاءت مفسّرة فيهم وشاملةً بالضرورة مولاتنا الزهراء عليها السلام، لذا حين أراد المفسّرون بياناً للآية مثلاً اضطرّوا إلى ذكر اسمها المبارك، أو إيراد الروايات الذاكرة لإسمها الشريف. وكمثال على الحالة الأولى في ظلّ قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ" (وهي الآية التاسعة عشرة بعد المئة من سورة التوبة)، روى الحافظ الحسكاني الحنفيّ في (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل) بإسناده عن عبدالله بن عمر أنّه قال في ظلّ العبارة "اتّقوا الله": أمر الله أصحاب محمّد بأجمعهم أن يخافوا الله، ثمّ قال الله لهم: "وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ" يعني مع محمّد وأهل بيته ولا شك أيها الإخوة الأكارم أنّ هذا الكلام يكون حجّة على كلّ من لم يكن مع أهل بيت محمّد صلى الله عليه وعليهم بعد وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى كلّ من خالف الصّديقة الزهراء في بياناتها وخطبها ودعاواها الصادقة الحقّة، من أمر الخلافة وحقّها في فدك.. وغير ذلك، فهي من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وممّن باهل بهم رسول الله نصارى نجران، وهي من الصادقين حقّاً وقطعاً.. الذين أمر الله تعالى بمعيتهم، وتصديقهم وتبعيتهم وطاعتهم.
وأمّا المثال على الحالة الثانية إخوتنا الأفاضل، فهو ما جاء في ظلّ قوله تبارك وتعالى: " الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ" (وهي الآية التاسعة والعشرون من سورة الرعد المباركة) ، قال المفسّرون ومنهم المرحوم السيد محمّد حسين الطباطبائيّ في (الميزان) بأنّ طوبى مفسّرة في الروايات كونها شجرة في الجنّة، وهذا المعنى مرويّ في أخبار كثيرة، وفي عدّة منها أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بأنّ جبرئيل عليه السلام ناوله ثمرةً من شجرة طوبي، فأكلها، فحوّل الله ذلك إلى ظهره، فلمّا هبط إلى الأرض وقارب خديجة عليها السلام حملت بفاطمة عليها السلام، ثمّ أخبر صلى الله عليه وآله مراراً أنّه ما قبّل فاطمة إلاّ وجد منها رائحة شجرة طوبى التي تناول منها في المعراج. 
وفي كتاب (الخرائج والجرائح) روى قطب الدين الراونديّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال لفاطمة عليها السلام: "يا فاطمة، إنّ بشارةً أتتني من ربي في أخي وابن عمّي أنّ الله عز وجلّ زوّج علياً بفاطمة، وأمر رضوان خازن الجنّة فهزّ شجرة طوبى، فحملت رقاعاً بعدد محبّي أهل بيتي، فأنشأ ملائكة من نور، ودفع إلى كلّ ملك خطّاً، فإذا أستوت القيامة بأهلها، فلا تلقى الملائكة محبّاً لنا إلاّ دفعت إليه صكاً فيه براءة من النار".
وروى الحبري بإسناده عن ابن عباس في تفسيره، والحاكم الحسكاني الحنفي في (شواهد التنزيل) أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله قال في تبيين معنى (طوبى) أو في جواب على تساؤل حول طوبى: "هي شجرة أصلها في داري، وفرعها في الجنّة". ثمّ سئل عن طوبى مرّةً أخرى فقال: "هي في دار عليّ"، فقيل له في ذلك، أي ذكرت أنّها في دار عليّ، فأجابهم صلى الله عليه وآله قائلاً: "إنّ داري ودار عليّ في الجنّة بمكان واحد". 
أجل إخوتنا الأحبّة، ألا ترون معنا أنّ هنالك ذكراً لها عليها السلام على نحو التلميح، او التصريح، وإلاّ فمن أخصّ من الزهراء الصديقة بأهل البيت عليهم السلام، ومن يا ترى اشخص من فاطمة البتول في دار النبيّ، أو في دار عليّ؟!.
وممّا أكدّته الروايات المتسالم عليها عند العامّة خاصّة، ما رواه الحافظ السيوطيّ الشافعيّ في (الدرّ المنثور)، وابن المغازليّ الشافعيّ في (مناقب عليّ بن أبي طالب) عن ابن سيرين، قال راوياً: "طوبى شجرة في الجنّة، أصلها في حجرة عليّ بن أبي طالب"، وفي رواية الحسكاني عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله عرّف لعمر بن الخطّاب شجرة طوبى أصلها في داره صلى الله عليه وآله، ثمّ عرّفها له أنّها في دار عليّ عليه السلام، فلمّا تساءل عمر حول ذلك أجابه رسول الله صلى الله عليه وآله قائلاً له: "أما علمت أنّ منزلي ومنزل عليّ في الجنّة واحد، وقصري وقصر عليّ في الجنّة واحد!".. هذا فيما روى (شرف الدين الأستر آبادي) في (تأويل الآيات الظاهرة) عن ابن عبّاس راوياً بالنصّ أو بالمعنى: "طوبى شجرة أصلها في دار علي في الجنة، وفي دار كلّ مؤمن منها غصن". وقد روى السيد هاشم البحرانيّ حول هذا المعنى في ظل الآية الشريفة من طرق الخاصّة أحد عشر حديثاً، ومن طرق العامّة خمسة أحاديث، منها ما رواه: الأمرتسريّ في (أرجح المطالب)، والقندوزيّ الحنفيّ في (ينابيع المودّة)، والثعلبيّ في (تفسيره الكشف والبيان)، والحسكانيّ في (شواهد التنزيل) وغيرهم.. أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله عرّف شجرة طوبى في ظلّ قوله تعالى: "طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ" قائلاً: "هي شجرة في الجنّة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنّة"، فقيل له: يارسول الله، سألناك عنها مرّة فقلت: هي شجرة في الجنّة، أصلها في دار عليّ وفاطمة، وفرعها على أهل الجنّة! فقال: "إنّ داري ودار عليّ وفاطمة واحدة غداً في مكان واحد".

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة