مولده بالكوفة، ومنشأه واسط، وتجارته بغداد ثم انتقل إليها في آخر عمره.
وكان متكلّماً حاذقاً، ومناظراً قديراً، مبرّزاً في الفقه والحديث، مقدماً في التفسير وسائر العلوم.
وكان من تلاميذ الاِمام الصادق (عليه السّلام) ومن خواص ولده موسى الكاظم (عليه السّلام). أخذ عنهما العلم وروى عنهما أحاديث كثيرة في مختلف الاَحكام، وقد وقع في اسناد كثير من الروايات عن أهل البيت (عليهم السّلام) تبلغ مائة وسبعة وستين مورداً. وله أصل يرويه عنه جماعة من الاَصحاب كما قال الشيخ الطوسي.
ورويت له مدائح جليلة من الاَئمّة (عليهم السّلام)، وهو ممن فتق الكلام في الاِمامة.
وكان هشام قويّ الاِيمان، راسخ العقيدة، وقد عُرف بمناظراته في الاِمامة وانتصاره لمذهب أهل البيت (عليهم السّلام)، وقد ناظر الملحدين فكان يفحمهم، وقد رجع الكثير منهم إلى التوحيد، كما ناظر المعتزلة، حيث نضج علم الكلام في العصر العباسي الاَوّل، وانتشر الخلاف والجدل، فكانت المناظرات تقام في مجالس الخلفاء وفي المساجد والشوارع وكان للمعتزلة نشاط في الحركة الكلامية، وكان هشام يصول في تلك الميادين، وكان يخرج في جميع مناظراته منتصراً لما عرف فيه من قوة الحجة وسعة التفكير واتّقاد الذهن.
قال الشهرستاني: وهشام بن الحكم صاحب غور في الاَُصول، ولا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة، فإنّ الرجل وراء ما يلزمه على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه، وذلك أنّه ألزم العلاف ...
وقد خلق له هذا الانتصار خصوماً وحساداً، فنسبوا إليه جملة من الطامات كالقول بالتجسيم وغيره. وكان الجاحظ أشد الناس عداوة لهشام فنسب إليه تلك المفتريات للانتقاص منه والحطّ من كرامته، وكذلك فعل النظّام ابراهيم بن سيّار، وجاء ابن قتيبة في «مختلف الحديث» فأرسلها ارسال المسلّمات، وكذلك الخياط المعتزلي كما جاء في كتاب "الانتصار".
وعلى الرغم من أنّ الجاحظ يتمتع بشهرة كبيرة في دنيا الأدب، وله مؤلفات كثيرة، إلاّ أنّه قد عُرف بتقلّبه وتلّونه واختلاقه للاتهامات كما عُرف بشدة قسوته على من يخالفه. قال أبو جعفر الاسكافي وهو من كبار علماء المعتزلة: إنّ الجاحظ ليس على لسانه من دينه وعقله رقيب وهو من دعوى الباطل غير بعيد ... وقال ابن أبي داوود: الجاحظ أثق بظرفه ولا أثق بدينه، إلى غير ذلك مما قيل في حقه. انظر الاِمام الصادق والمذاهب الاَربعة.
ثمّ إنّ بعض الكلام الذي نُقل عن هشام انّما هو بصدد المعارضة، وليس كل من عارض بشيء يكون معتقداً له، فهو صاحب غور في الاَُصول ولا يجوز أن يغفل عن الزاماته على الخصم (كما قال الشهرستاني. انظر المراجعات: ۲۹۲).
ولهشام بن الحكم مؤلفات كثيرة، وذكر له ابن النديم خمسة وعشرين كتاباً. ومن كتبه:
علل التحريم، الفرائض، الاَلفاظ، التوحيد، الرد على الزنادقة، الاِمامة، المعرفة، الاستطاعة، الرد على المعتزلة في أمر طلحة والزبير، القَدر، الشيخ والغلام في التوحيد، الرد على من قال بإمامة المفضول، الدلالات على حدوث الاَشياء، المجالس في التوحيد، المجالس في الاِمامة، الرد على ارسطو طاليس، الجبر والقدر، الميزان، الثمانية أبواب، اختلاف الناس في الاِمامة، والوصية والرد على من أنكرها.
يا هشام لو كان في يدك جوزة، وقال الناس: [في يدك] لؤلؤة، ما كان ينفعك وأنت تعلم أنّها جوزة، ولو كان في يدك لؤلؤة، وقال الناس: أنّها جوزة، ما ضرّك وأنت تعلم أنّها لؤلؤة.
يا هشام لا تمنحوا الجهال الحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.
يا هشام لا يكون الرجل مؤمناً حتى يكون خائفاً راجياً، ولا يكون خائفاً راجياً حتى يكون عاملاً لما يخاف ويرجو.
يا هشام ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم، فإن عمل حسناً استزاد منه، وإن عمل سيئاً استغفر اللّه منه وتاب إليه.
يا هشام من أكرمه اللّه بثلاث فقد لطف به: عقل يكفيه مؤونة هواه، وعلم يكفيه مؤونة جهله، وغِِنى يكفيه مخافة الفقر.
اختُلف في وفاة هشام، فقيل: توفي في سنة تسع وسبعين ومائة، وقيل: بعد نكبة البرامكة بمدة يسيرة متستراً، وقيل: توفي في سنة تسع وتسعين ومائة.
*******
(۱) رجال البرقي ۳٥، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ۲٥٥ برقم ٤۷٥، الرسالة العددية للمفيد ٤٥، رجال النجاشي ۲|۳۹۷ برقم ۱۱٦٥، رجال الطوسي ۳۲۹، فهرست الطوسي ۲۰۲، تهذيب الاَحكام ۹|۲۲٥ برقم ۸۸٦، معالم العلماء ۱۲۸ برقم ۸٦۲، رجال ابن داوود ۳٤۷ برقم ۱٦٤۳، رجال العلامة الحلي ۱۷۸، نقد الرجال ۳٦۸، جامع الرواة ۲|۳۱۳، هدية العارفين ۲|٥۰۷، أعيان الشيعة ۱۰|۲٦٤، الاِمام الصادق والمذاهب الاَربعة ۳ و ٤|۷۹، الاَعلام للزركلي ۸|۸٥، معجم رجال الحديث ۱۹|۲۷۱، معجم المؤلفين ۱۳|۱٤۸.
*******
المصدر: موقع http://www.imamsadeq.org.