محمد بن علي بن النعمان ابن أبي طريفة البجلي بالولاء، المتكلّم المناظر الفقيه أبو جعفر الأحول، الصيرفي، الكوفي، يلقب: (مؤمن الطاق) و(صاحب الطاق)، وإنّما سمّي بالطاق لأنه كان صيرفياً في (طاق المحامل) ممن أسواق الكوفة.روى عن: سلام بن المستنير، وأبي الورد، وإسماعيل بن الفضل، وغالب بن هذيل، وأبي عبيدة الحذاء، وزكريا النقاض، وغيرهم. روى عنه: صفوان بن يحيى، والحسن بن محبوب، وأبان بن عثمان، ومحمد بن أبي عمير، ويونس بن عبد الرحمن، وأبوالفضل المكفوف النحوي، وآخرون. وكان رأساً في العلم والعمل، ثقة، كبير الشأن. صحب الأمام أبا عبد الله الصادق –عليه السّلام، وأخذ عنه العلوم والمعارف، وروى عنه، كما عدّ من أصحاب الإمام موسى الكاظم عليه السلام. وقد وقع في اسناد جملة من الروايات عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام تبلغ ثمانية وثلاثين مورداً وكان من أحذق أصحاب الصادق عليه السلام، ومن أحبّ الناس إليه، وقد صحّ عنه عليه السلام أنه كان يقول: أربعة أحبّ الناس إليّ أحياءً وأمواتاً: بريد بن معاوية البجلي، وزرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم، وأبو جعفر الأحول. وكان أبو جعفر كثير العلم، متفوّقاً في معارفه، قوياً في حجته، تعددت فيه نواحي العبقرية والنبوغ، فهو عالم بالفقه والكلام والحديث ذكره ابن النديم، فقال:كان حسن الاعتقاد والهدى، حاذقاً في صناعة الكلام، سريع الخاطر والجواب. وعدّه المرزباني في شعراء الشيعة، وأرد له بعض الأبيات، وقال: كان من الفصحاء البلغاء، ومن لا يطاول في النظر والجدال في الإمامة. قال أبو خالد الكابلي: رأيت أبا جعفر صاحب الطاق وهو قاعد في الروضة قد قطع أهل المدينة أزراره، وهو دائب يجيبهم ويسألونه، فدنوت منه فقلت: إن أبا عبد الله –يعني الإمام الصادق عليه السلام- ينهانا عن الكلام. فقال: أمرك أن تقول لي؟ فقلت: لا والله، ولكن أمرني أن لا أكلّم أحداً، قال: فاذهب إليه وأطعه فيما أمرك. فدخلت علي ابي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بقصة صاحب الطاق، وما قلت له، وقوله لي: اذهب فأطعه فيما أمرك، فتبسّم أبو عبد الله عليه السلام وقال: يا أبا خالد إن صاحب الطاق يكلّم الناس فيطير وينقض، وأنت إن قصوك لن تطير. وكان مؤمن الطاق يتمتع بشخصية فذة، ذا فهم ثاقب وفطنة وذكاء، وكان معروفاً بعلم الكلام وقوة الحجّة، وكثرة المناظرة وخاصة في مسألة الإمامة، حيث كان محبّاً لاهل البيت منقطعاً إليهم، مجاهراً برغم قسوة الظروف وجور الحكام في القول بفضلهم، وكان يتفوّق دائماً في مناظراته لما عرف به من سرعة الجواب، وقوة العارضة وقد ذكر له ابن النديم والخطيب البغدادي وغيرهما عدة مناظرات، فمن أرادها فليرجع إلى كتبهم وقد ألف مؤمن الطاق كتاباً في مناظراته معأبي حنيفة، كما ألف كتباً أخرى، منها: كتاب الإمامة، كتاب المعرفة، كتاب الرد على المعتزلة في إمامة المفضول، كتاب في أمر طلحة والزبير وعائشة، كتاب في إثبات الوصية، كتاب افعل لا تفعل. توفي مؤمن الطاق في قول الزركلي نحو سنة ۱٦۰ هـ وقيل: توفي بعد سنة ۱۸۰ هـ.
قال الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي في كتاب القواعد والفوائد (ج ۲ ص ۱۰۰):
يحكى عن الشيخ أبي جعفر مؤمن الطاق: أنه مر ومعه بعض رؤساء العامة في سوق الكوفة على بائع رمان، فأخذ العامي منه رمانتين اختلاسا، ثم مر على سائل فدفع إليه واحدة، ثم التفت إلى أبي جعفر فقال: عملنا سيئتين، وحصلنا عشر حسنات،فربحنا ثماني حسنات. قال له: أخطأت، "إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ". (سورة المائدة ۲۷)