السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله،
على مدى عشر حلقات من هذا البرنامج تعرفنا على الأهداف العشر الرئيسية التي أنزل الله لتحققها كتابه المجيد، وقد استندنا في ذلك لصريح محكمات القرآن الكريم وأحاديث السنة المطهرة…
ورأينا أن هذه الأهداف تنصب جميعاً في صالح الإنسان، بمعنى أن الله عزوجل أنزل القرآن ليكون وسيلة تحمل الخير الكثير بمختلف أشكاله للإنسان وتضمن له الحياة الكريمة وسعادة الدنيا والآخرة، وتنفذ من كل ما يتناقض مع الحياة الطيبة من أشكال الفقروالجهل والإنحراف والفساد والعيش في الظلمات. ولذلك فلا غنى لطالب النجاة والسعادة والفلاح عن الإنتفاع من المأدبة القرآنية العامرة،
قال رسول الله- صلى الله عليه وآله:" القرآن غنى لا غنى دونه ولا فقربعده "
مستمعينا الأكارم، وعلى ضوء ما تقدم يتضح أن القرآن الكريم هو من أعظم النعم الإلهية على الإنسان، وهومن النعم الخاصة التي تستتبع مسؤولية جسيمة…
فالقرآن ليست من النعم البسيطة التي لا يسأل الإنسان يوم القيامة أولا يحاسب على الإنتفاع أو عدم الإنتفاع بها، وكذلك لا يحاسب على أداء حق شكرها.
بل إن القرآن هو قرين نعمة الولاية الإلهية والنصوص الشريفة صريحة بأن الله عزوجل سيسأل الخلق ويحاسبهم عن الإنتفاع من بركاته الكثيرة،
قال رسول الله- صلى الله عليه وآله: " أنا أولُ وافد على العزيزالجباريوم القيامة، وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي، ثم أسألهم: ما فعلتم بكتاب الله وبأهل بيتي ".
وقال- صلى الله عليه وآله- في مرضه الذي توفي فيه:" أيها الناس، يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي وقد قدمتُ إليكم القولَ معذرةً إليكم، ألا إني مخلف فيكم كتاب الله عزوجل وعترتي أهل بيتي "
ثم أخذ – صلى الله عليه وآله ــ بيد علي – عليه السلام- فرفعها وقال: " هذا عليٌ مع القرآن والقرآن مع علي خليفتان بصيران لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض فأسألهما ماذا خُلفتُ فيهما ".
ولا يخفى عليكم مستمعينا الأفاضل، أن النجاة في هذه المسائلة العادلة يكمن في الإنتفاع من مأدبة كتاب الله عزوجل والإستجابة لأوامره ونواهيه وبذلك يتحقق شكرالله على هذه النعمة العظمي.
أي أن علينا أن نسعى بعد معرفة أهداف إنزال القرآن الكريم السعي بجد وإجتهاد لتحصيلها مع الإنتباه لحقيقة مهمة مستفادة بكل وضوح من حديث الثقلين المشهور…..هذه الحقيقة هي: أن من غيرالممكن الإنتفاع بالصورة المطلوبه من كتاب الله والإستنارة الحقيقية به إلا بالإستعانة بوصايا وتفسيرالعترة المحمدية الطاهرة.
وهذه الحقيقة مستفادة من القرآن نفسه، فهو يؤكد أن الإستفادة المطلوبة منه تتحقق بالإستعانة بمن عندهم علم الكتاب وهم علي والأوصياء من ولده- عليهم السلام- كما ثبت في السنة المطهرة.
وهذا الأمرمستفادٌ من قوله تعالي: " ... قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ " الرعد٤۳
يقول العلامة الطباطبائي في تفسيرالميزان بعد مناقشة تفصيلية للأقوال التفسيرية لهذه الآية الكريمة: " فقد تحصل أن معنى قوله " كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ " أن ما وقع في القرآن من تصديقه الرسالة شهادة إلهية بذلك وقوله " وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ " أي وكفى بمن عنده علم الكتاب شهيداً بيني وبينكم،… والمعنى أن من تحمل هذا الكتاب وتحقق بعلمه وإختص به فإنه يشهد على أنه من عند الله…".
ثم قال رحمه الله:" وبهذا يتأيد ما ذكره جمع ووردت به الروايات من طرق أئمة أهل البيت عليهم السلام أن الآية نزلت في علي – عليه السلام- فقد كان أعلم الأمة بكتاب الله ".
أيها الأخوة والأخوات إن فهم ظواهروألفاظ الآيات القرآنية أمرٌ ممكن لكل عارف بالعربية وبقواعد الكلام، ولذلك فقد دعى الله الجميع حتى الكافرين الى الإستماع للقرآن والتدبرفيه.
ولكن الوصول الى بواطنه وحقائقه المكنونة ودقائقه ومراتب تأويله وحقيقة تطبيقاته العملية السليمة من كل إنحراف، فهذا منحصربالإستعانة بهداية أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين؛ وفقنا الله وإياكم لذلك….
مستمعينا الافاضل وبهذا ينتهي هذا اللقاء من برنامج من بركات القرآن قدمناه لكم من إذاعة طهران.
نسألكم الدعاء والسلام عليكم.