من أبرز القضايا التي تؤمن بها الجماعة، أن "عقل الشخص هو مرجعه"، ولا حاجة لأن يكون هناك من يحدّد له حياته وخياراته في الحياة.
يبدأ الأمر بإقناع الأشخاص، من خلال الزيارات الاجتماعيّة، ومن ثم تبدأ عملية تحريض الشباب الموجودين مع أفراد كلّ مجموعة من خلال مهاجمة مراجع الدّين، واعتبارها بدعة، ثم تبدأ خطوة أخرى، للحديث عن وجوب الإنسان بأن يكون مرجعاً لنفسه بعد قراءة كتب الأحاديث الدينيّة.
تقوم طريقة الدعوة وإقناع الأشخاص بالانضمام إلى الجماعة الدينية عبر طريقتين؛ الأولى خلال أربعينيّة الإمام الحسين بن عليّ التي يقوم بها اتباع اهل البيت (ع) سيراً على الأقدام باتجاه مرقد الامام الحسين عليه السلام في مدينة كربلاء المقدسة جنوب بغداد، والطريقة الثانية عبر المقاهي أو المناسبات، حيث يقوم "المولوي" كما يُسمَّى لديهم، بالجلوس مع شخص، ويبدأ رحلة إقناع تستمرّ أحياناً لبضعة أشهر، ولا يفضل الجلوس مع أكثر من شخص، لأنّ المهمّة تكون صعبة وحجّة الإقناع تكون ضعيفة.
يتكوّن نظام الجماعة على شكل حلقات، وكل منها يتراوح أفرادها بين عشرة وخمسين شخصاً، وفيها مهندسون وأطبّاء ومعلّمون، ويكون مسؤول كلّ حلقة "المولى".
يشير سير الأحداث إلى أنّ ظهور جماعة أولاد الله وجماعات دينية أخرى، مُتَّهمة بإثارة الجدل الديني في العراق، في عام 1999، وبعده، حيث بدأت فكرة إنكار وجود مراجع دين تظهر بشكل واضح، بما يسمَّى بالمصطلح الديني "شطحات". وينشط أولاد الله بشكل خاصّ في أقضية النصر والرفاعي والشطرة شمال محافظة ذي قار، في حين يقلّ حضورهم في مركز المحافظة وجنوبها.
ويرى الخبير في الجماعات الدينيّة مؤيّد العبودي، أن ارتفاع معدّلات الفقر ونسب البطالة المتفشّية في جنوب البلاد، أدّى إلى ظهور مثل هذه الحركات المفاجئة، وهي بمثابة احتجاج غير معلن.
ويضيف الخبير - وهو ضابط ومحلّل سابق بوزارة الداخلية - أن هناك صدمة من قبل الناس من أداء المؤسسة الدينية والسياسية، وهو ما يدفع الشّباب الخريجين، ولا سيّما العاطلين من العمل، إلى اختراع أفكار دينية متشددة ومختلفة واتباعها.
بحسب متابعين، فإن هذه الحركات السريّة تنمو بسبب الفوضى وغياب القانون والعدالة الاجتماعيّة، وكذلك يساهم انتشار الجهل والتخلّف والفقر في تصديق ما تنادي به هذه الجماعات، مثل التصدّي لمن يصفونه بالمجتمع الفاسد وإرساء العدالة وغير ذلك.
يعلّق سماحة الشيخ محسن عطوي، عضو المكتب الشرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض) على هذه المعلومات، وبخاصَّة على نقطة أنّ "العقل مرجع كلّ شخص"، فيقول بأنّه لا ريب لدى العقلاء أن يقوم الجاهل بشيء بالتعرف عليه من خلال أهل المعرفة، وكلّما زادت أهميته، زاد الحرص على الرّجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص، فليس المسلمون بغنى عن أن يتعرّفوا أحكام دينهم وعقائدهم ممن يرونه عالماً بها، وهي فكرة دعا إليها القرآن الكريم بقوله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}. وتالياً، لا غرو أن تكون هذه الفكرة من بديهيّات العقل الإنساني، وسيرة العقلاء، ومقولات الدّين بعامّة، والإسلام بخاصّة في شتّى مذاهبه، بحيث سيكون التنكّر لهذه البديهة لوثة عقلية قبل أن تكون فقهيّة لا تفسير لها ، وإن كانت لنا ملاحظات على أداء بعض مراجع الدين المالية والسلوكية، فذلك يوجب أن نبحث عن مرجع نوليه ثقتنا، لا أن نتنكّر لدوره المهمّ والحيويّ بالتعريف بشريعة الله من موقع اختصاصه.
ويضيف الشيخ عطوي بأنّ على الحكومات التي تواجه ظواهر شاذّة كهذه، أن تهتم بدرس أسباب هذه الظاهرة، وتعمل بحكمة على تطويقها بالتعاون مع مؤسّسات التوجيه الثقافية والدينية، وإن كانت ثمة أسباب لها علاقة بالوضع المعيشي، فأيضاً عليها أن تولي هذا الجانب اهتمامها.
ويختم الشيخ عطوي بالإشارة إلى أنّ المجتمعات المستهدفة من قبل المستكبرين والجبابرة، ربما يكون من وسائل الكيد لها من قبل هؤلاء، أن يعملوا على إيجاد أزمات اجتماعيّة يتوسلون لها عناوين دينية وفكرية، بغية إحكام سيطرتهم على مقدّرات المجتمع وتوجهاته وإبقائه في حالة تبعيّة عمياء.