البث المباشر

لامية العجم للطغرائي

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:51 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين، مستمعينا الكرام أينما كنتم السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة هذا الأسبوع من برنامج سير القصائد والتي خصصناها لرائعة العميد مؤيد الدين الطغرائي، القصيدة التي عُرفت على مر العصور بلامية العجم والتي سيحدثنا عنها وعن صاحبها خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان عبر خمس دقائق من عمر البرنامج، ندعوكم اخوتنا المستمعين للإستماع الى حديثه بعد فاصل قصير تابعونا مشكورين.
المحاورة: تحية طيبة لكم مستمعينا الكرام وأنتم برفقة هذه الحلقة من برنامج سير القصائد. يسعدني أن أستضيف في الأستوديو الدكتور سعد الشحمان ليتحدث لنا عن الشاعر العميد مؤيد الدين الطغرائي وعن قصيدته المشهورة لامية العجم. دكتور اهلاً ومرحباً بكم
الشحمان: أهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء الجديد ونتقدم بالتحية للمستمعين الكرام
المحاورة: نعم حبذا لو تحدثونا عن الشاعر وقصيدته التي إشتهرت بلامية العجم
الشحمان: نعم بكل سرور. الطغرائي هو مؤيد الدين أبو اسماعيل بن علي الأصبهاني المعروف بالطغرائي وهذه النسبة الى مَن يكتب الطغراء وهي الطرة التي تكتب في اعلى المناشير الحكومية فوق البسملة وتتضمن إسم الملك وألقابه. ولد الطغرائي كما يدل على ذلك نسبه في مدينة أصبهان او اصفهان في منتصف القرن الخامس الهجري وإرتحل الى بغداد وقد ضاقت به الحياة فقد قال قصيدته المعروفة بلامية العجم يصف بها حاله ويشكو من زمانه وقد بدأ هذا الشاعر حياته في مجال السياسة علماً أنه كان يمثل شخصية سياسية. بدأ حياته السياسية عندما ولي الوزارة في مدينة إربل او التي تسمى اليوم بمدينة أربيل وخدم السلطان ملك شاه بن ألب بن أرسلان وكان كاتب إبنه السلطان محمد مدة ملك هذا السلطان وكان يتولى ديوان الطغراء لذلك لُقب بالطغرائي. كان الطغرائي آية في الكتابة يعني في المجالين، مجال النثر ومجال الشعر وكان بالإضافة الى ذلك خبيراً ومتخصصاً في الكيمياء وله تصانيف كثيرة مشير الى البعض منها مثلاً جامع الأسرار وتراكيب الأنوار وحقائق الإستشهادات والرد على إبن سينا في إبطال الكيمياء وكتاب مصابيح الحكمة ومفاتيح الرحمة...
المحاورة: اذن كانت لديه خبرات كثيرة من الناحية السياسية ومن الناحية الاجتماعية ومن الناحية الأدبية ايضاً
الشحمان: نعم ومن الناحية العلمية ايضاً، كان قمة في الأدب وقمة في العلم في نفس الوقت وله بالإضافة الى هذه التصانيف والآثار له ديوان شعر معروف ومطبوع. بالنسبة الى مكانة هذا الشاعر الشعرية يمكننا أن نقول إنه إمتلك عاطفة جياشة وقدرة فائقة على تصوير تجاربه في الحياة وقصيدته لامية العجم هي خير دليل على ذلك. وكان يمتلك مهارة فائقة في مجال تصوير المواقف المختلفة في حياته لأنه كان متمكناً للغة ممتلكاً لناصيتها. من بين أشعاره التي تدل على موهبته الشعرية قالها عندما بلغ سبعاً وخمسين سنة من العمر وقد جاءه مولود، يقول في هذا المجال:

هذا الصغير الذي وافى على كبري

أقر عيني ولكن زاد في فكري

سبع وخمسون لو مرت على حجر

لبان تأثيرها على ذلك الحجر

هذا الشاعر كانت حياته مليئة بالأحداث وكان له حسّاد كثيرون، هؤلاء الحسّاد أوقعوا به أخيراً وتسببوا في قتله فقد اتهم بالإلحاد وأجمعت اكثر الروايات على أنه قتل ظلماً وذلك سنة ٥۱۳ هجرية وتوفي في هذه السنة وكان قد جاوز الستين من عمره.
المحاورة: نعم هذا بالنسبة الى سيرته الذاتية شكراً لكم على شرح هذه التفاصيل عن حياته، دعونا نأخذ فاصل قصير ثم نواصل الحديث عن شاعرنا الطغرائي وقصيدته لامية العجم، رافقونا مستمعينا الكرام.
المحاورة: تحية طيبة لكم مستمعينا الكرام وأنتم برفقة هذه الحلقة من برنامج سير القصائد من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. دكتور دعني أقرأ شيئاً عن قصيدته التي إشتهرت بلامية العجم، يقرر الطغرائي في مطلع قصيدته بأن الرأي الحصيف المحكم هو الذي يحفظ الانسان ويصونه من الوقوع في مزالق الأخطاء وإن الفضائل الأخلاقية التي من شأنها أن تلبس الانسان حلية الزينة لا المال ولا الثروة ولا الإعتبارات المادية في الدنيا. يقول الشاعر في هذا الصدد:
أصالة الرأي صانتي عن الخطل وحلية الفضل زانتني لدى عطل
ثم يعلن الشاعر أن تلك الأصالة في الرأي وهذه الحلية في الفضل تمثلان صفتين ثابتتين له رافقتاه منذ اول حياته وآخرها فهما صغير كان عنده أم كبيراً كالشمس التي تظل عظيمة مهابة الجانب لاينقص من هيبتها سواء كانت في كبد السماء أم في حافة أفقها آلية للغروب.

مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع

والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل


المحاورة: نعم مستمعينا الكرام والقصيدة هي نفثات وزفرات أطلقها الشاعر معلناً شكواه من الزمان وأهله ولذلك فإن الشاعر كثيراً ما يدعو الانسان في ثنايا قصيدته هذه الى السفر والتنقل وعدم إطالة المقام في ارض واحدة وخاصة اذا كان أهل هذه الأرض غير عارفين بقدر ذلك الانسان وجاهلين لقيمته وهو ماحدث بالفعل للشاعر الذي حفلت حياته بالمفاجآت ولم تطمئن به بلاد بعينها بفعل مكائد اعداءه ودسائس حسّاده حتى إنتهت حياته أخيراً بالقتل بسبب تهمة ظالمة وجهت اليه وكان بريئاً منها على ما تذكر الروايات لذلك فقد مزج الشاعر الحكم والمواعظ التي جاء بها في قصيدته بالكثير من السخط على الدهر وأبناءه فأعلن في البدأ تذمره من مقامه في الزوراء أي بغداد التي يبدو أنها إزورت به وبدا فيها غريباً عن الأهل والأصحاب خالي الوفاض لاأنيس ولاصديق يشكو اليه همه وحزنه.

فيما الإقامة بالزوراء لاسكني

بها ولاناقتي فيها ولاجملي

ناء عن الأهل صفر الكف منفرد

كالسيف عرّي متناه عن الخلل

فلاصديق اليه مشتكى

حزن ولاأنيس اليه منتهى جدلي


المحاورة: أعزائي المستمعين بعد ذكر هذه النبذة عن هذه القصيدة وهي القصيدة المعروفة بلامية العجم للشاعر الطغرائي أعود الى ضيفي في الأستوديو الدكتور سعد الشحمان ليحدثنا اكثر عن هذه القصيدة
الشحمان: أهلاً بكم من جديد
المحاورة: أهلاً بكم
الشحمان: لاشك أن لامية العجم للطغرائي تعد من اهم وأروع القصائد التي شهدها الشعر العربي وقد حظيت بإهتمام بالغ في تاريخ الأدب العربي وجاءت هذه القصيدة قمة وآية في البلاغة ومليئة بالصور الرائعة والاخلاق السامية ومثلت خلاصة تجارب الشاعر في الحياة والقيم التي يؤمن بها ويتحلى بها والحكم والمُثل التي إستخلصها من حياته وإن كانت في بعض أبياتها مشوبة بشيء من التشاؤم وسوء الظن بالدهر
المحاورة: ربما هذا لما عاناه طيلة حياته
الشحمان: نعم احسنت، نعم نتيجة للأحداث التي شهدها في حياته وهذه القصيدة حظيت بشروح كثيرة جاوزت الثلاثين شرحاً مابين شرح وتخميس وتشطير ومعارضة ولكن برأيي من أفضل الشروح التي كتبت على هذه القصيدة هو الشرح الذي كتبه أبو البقاء العكبري الذي توفي في القرن السابع الهجري. يعتبر من أهم الشروح التي قدمت حول هذه القصيدة. وهناك سؤال يطرح في هذا المجال وهو لماذا سميت هذه القصيدة بلامية العجم؟ الرأي الأقرب الى الصحة أنها سميت بذلك لأن صاحبها الشاعر كان ذا أصول ايرانية فكتب هذه القصيدة وسماها بلامية العجم مجاراة للامية العرب.
المحاورة: نعم شكراً دكتور على مايبدو ليس لدينا من الوقت لتتمة الحديث عن هذا الشاعر ونكتفي بهذا القدر عن الحديث عن لامية العجم للشاعر العميد مؤيد الدين الطغرائي. نشكركم لحضوركم وإن شاء الله في الحلقات المقبلة من هذا البرنامج سنستضيفكم.
الشحمان: إن شاء الله بإذن الله
المحاورة: ونشكر حسن متابعتكم مستمعينا الكرام لهذه الحلقة من برنامج سير القصائد التي قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، في امان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة